تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حول قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ)

ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 08 - 2006, 09:03 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

فهذه الآية من الآيات التي يستدل بها الإمامية على بدعة الإمامة التي ضخمها القوم حتى جعلوها ركنا من أركان الدين، بل هي أهم قضاياهم، كما قال الشهرستاني، رحمه الله، في الملل والنحل، فليست الإمامة عندهم، أمرا واجبا على الأمة لحفظ الدين وسياسة الدنيا به، كما هو الحال عندنا أهل السنة، ولكنها قضية أصولية لا يجوز للرسل عليهم الصلاة والسلام إغفالها وإهمالها، أو تفويض أمرها للعامة، وعليه لا بد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى، ولكن الوصية كتمت من جمع التواتر، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في مداخلة سابقة، خيانة وغدرا ليتولى أبو بكر، رضي الله عنه، الأمر، ويستأثر به من دون علي، رضي الله عنه، ومن ثم يورثه لشريكه في المؤامرة، عمر، رضي الله عنه، مع أن عليا، رضي الله عنه، لم يحتج على معاوية، رضي الله عنه، بهذه الوصية المزعومة، وإنما احتج عليه ببيعة المهاجرين والأنصار الذين بايعوا الشيخين، رضي الله عنهما، كما ورد في نهج البلاغة، ولم يحتج بها الحسن والحسين، رضي الله عنهما، لما بايعا معاوية، رضي الله عنه، لأنهما رأيا أنه أهل للخلافة، بل إن الحسين، رضي الله عنه، لما خرج على يزيد، لم يخرج عليه بحجة الوصية المزعومة، وإنما خرج عليه لما اجتهد ورأى أنه ليس أهلا للخلافة، أو أن بيعته باطلة، والجواب عن هذه الآية يشبه إلى حد كبير، الجواب عن آية التطهير، فمدار الخلاف بيننا وبين الإمامية هو: هل الجعل والإرادة في الآيتين، قدري شرعي متعلق بالأمر والنهي تجوز مخالفته، أم قدري كوني لا تجوز مخالفته.

فهل جعل الله، عز وجل، إبراهيم وإسماعيل، عليهما الصلاة والسلام، إمامين للمتقين، لمجرد أنه أراد ذلك كونا دون أن يكون للإرادة الشرعية المتمثلة في طاعتهما للأوامر واجتنابهما للنواهي دخل في هذا الجعل، أم أنه، عز وجل، علق هذه الإمامة على التزام التكاليف الشرعية، فمن التزم بها كان إمام هدى، ومن خالفها كان إمام ضلالة؟

وللجواب عن هذا السؤال، يجب معرفة معنى "الجعل" المقصود في الآية، وكذا معنى "الإمام" في اللغة:

وبداية مع الجعل، فالفعل "جعل" من الألفاظ المشتركة أو "المشتركات اللفظية" التي تفيد أكثر من معنى، فترد لـ:

الخلق، ومنه قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)، أي: خلق الظلمات والنور.

والإنزال، ومنه قوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، أي: أنزلناه، كما أشار إلى ذلك ابن كثير، رحمه الله، وكذا قوله تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ)، أي: ولو أنزلناه.

والاعتقاد، ومنه قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ)، كما أشار إلى ذلك ابن كثير، رحمه الله، بقوله: أي، اعتقدوا فيهم ذلك.

والشروع في الفعل، ومنه قولك: جعل الطالب يكتب، أي: شرع في فعل الكتابة.

والصيرورة، ومنه الآية التي بين أيدينا، فتأويلها: إني مصيرك للناس إماما.

وقوله تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ).

وقوله تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً).

وقوله تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ).

فتحصل لنا أن الله، عز وجل، أراد، بغض النظر عن نوع الإرادة، ابتداء، أن يصير إبراهيم، صلى الله عليه وسلم، للناس إماما.

وأما "الإمام":

فقد قال صاحب "اللسان":

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير