تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بدا لها أن تتقن لغة القرآن، وصحّ منها العزم على ذلك، وساعدها فى هذا السبيل أحمد لطفى السيد، وكان من بين ما نبهها إليه وأخذها فيه بالحزم وجوب قراءة القرآن المجيد والتضلع من أسلوبه وموسيقاه ... حتى أصبحت فى نهاية الأمر واحدة من أكابر كتاب العربية وأصحاب الأساليب فيها. وبالمناسبة هناك من بين المستشرقين من يتقن لغة القرآن أفضل من كثير من كتاب هذه الأيام عندنا! كما أن مئات العلماء الهنود والباكستانيين والإيرانيين يكتبون باللغة العربية ويتكلمون بها أفضل من كثير من أبناء العربية!

أما عن التلاميذ والطلاب العرب وضعفهم فى لغتهم الأم فيقول كاتبنا: "ومن منطلق معرفتى بمستوى التعليم فى فرنسا وغيرها من الدول الغربية أستطيع أن أجزم بأن المستوى اللغوى لخريجى الجامعات المصرية من غير المتخصصين يوازى مستوى تلميذ فى بداية المرحلة الإعدادية هناك فى لغته الأم. فهل يعكس هذا نبوغ تلاميذ العالم الغربى وتخلف طلاب العلم عندنا؟ بالتأكيد لا، فإن المستوى الذهنى متقارب بين الاثنين. إنما المعضلة تكمن فى اللغة العربية التى ترقى تعقيداتها إلى مستوى اللوغاريتمات على عقول غير المتخصصين… فعلينا بعيدا عن النفاق أن نعترف بأن طلبة المدارس يكرهون حصة اللغة العربية وينعون همها أكثر من أى مادة تعليمية أخرى. فإلى متى نجعل أطفالنا وشبابنا يتجرعون عذاب القواعد المعقدة التى عفا عليها الزمن ولم تعد تواكب العصر؟ " (ص 12). هذا ما قاله الكاتب، وأنا أزيد عليه أن الأغلبية الساحقة من الطلاب المتخصصين فى اللغة العربية وآدابها لا تعرف شيئا ذا قيمة عن أدب أمتهم أو لغتها بل لا يحسنون الكتابة دون أخطاء إملائية فادحة، بل لا يعرف كثير منهم كيف يضبط النص بالفتح والكسر والضم… إلخ مما دفع زميلا لنا ظريفا إلى القول بأن الواحد من هؤلاء الطلاب يحمل مخلاة فى جيبه مملوءة بما شئت من الفتحات والكسرات والضمّات والسكنات والشدّات والتنوينات، ثم إذا ما طولبوا بتشكيل نص من النصوص أخرجوا المخلاة ومدوا أيديهم فيها وكبشوا حفنة من محتوياتها ثم رشّوها كيفما اتفق على كلمات النص فتقع حركات التشكيل هنا وهناك اعتباطا، وأن هذا هو السبب فى أن بعضهم قد يضع مثلا على أول حرف فى الكلمة سكونا ثم يُتْبِعه على الحرف الثانى بشَدّة ... وهكذا مما لا يُعْقَل لأنه مستحيل. لكن كيف يكون مستحيلا، ونحن قوم بارعون فى صنع المعجزات مما لا قِبَل به للغربيين سادة العالم الآن فى ميادين العلم والثقافة والإبداع؟ ألسنا نحن الذين دهنّا الهواء دُوكُو؟ ألسنا نحن الذين عبّأنا الشمس فى زجاجات؟ ألسنا نحن الذين صَرَرْنا الفيل فى المنديل؟ هل يستطيع أحد أن يدلنى على قوم آخرين حققوا هذه الإنجازات أو نصفها أو ثلثها أوعشرها أو حتى واحدا على الألف أو على المليون منها؟ إن كل ما فعله الغربيون مثلا أنهم اخترعوا القطارات والسيارات والغواصات والقنابل والصواريخ وسفن الفضاء والحاسوب والمِشْباك (النِّتّ) وما إلى هذا مما لا إعجاز فيه لأنه يخضع للقوانين التى يسير عليها الكون، أما نحن فنأتى بالمستحيل الذى لا يستطيعه أحد سوانا من البشر! إلا أننى ينبغى أن أضيف أن الأغلبية الساحقة أيضا من الطلاب فى أى تخصص لا يفترقون عن طلاب أقسام اللغة العربية فى الضعف العلمى. فالشكوى عامة بين الأساتذة من أن الطلبة لا يهتمون بما يتلقَّوْن من علوم ودروس، وأن كل همهم هو النجاح فى الامتحان والحصول على الشهادة من أى طريق، ولهذا تراهم لا يبذلون الجهد المطلوب ولا يقرأون شيئا إلا فى الشاذ النادر. وكنت اليوم فى زيارة لصديق مريض فى المستشفى، ومررت فى طريق العودة ببائع للكتب القديمة أعرفه فتوقفت عنده لأشترى بعض ما أجدنى بحاجة إليه منها، وأخذت أسأله كعادتى عن مدى إقبال طلاب الجامعة التى يقع جَوْسَقه على الرصيف المواجه لها، فجاءت إجابته على ما توقعت من أنهم لا يكادون يقرأون شيئا، اللهم إلا إذا كلفهم الدكتور ببحث، فإنهم عندئذ يأتون فيسألونه عن الكتب التى يمكن أن يجدوا فيها ما ينقلونه فى هذا البحث. أقول: "ينقلونه"، لأن البحث عندهم لا يعنى أكثر من نقل بضع صفحات من هذا الكتاب أوذاك دون فهم: نقلها نقلا كله أخطاء إملائية ودون أية إضافة شخصية!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير