ابتداء".
بتصرف يسير من "مجموع الفتاوى"، (28/ 231، 232).
وجهاد السلف، رحمهم الله، لأهل البدع، أشهر من أن يذكر، فقد كان القوم قوامين بالقسط شهداء على أهل الأرض، فمن عدلوه فهو العدل، ومن جرحوه فهو ساقط لا كرامة له.
يقول ابن تيمية:
"ذكر، أي: أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في كتابه "الإيمان"، من الكوفيين من قال ذلك، أي: القول بزيادة الإيمان ونقصانه، أكثر مما ذكر من غيرهم لأن الإرجاء فى أهل الكوفة كان أولا فيهم أكثر وكان أول من قاله حماد بن أبى سليمان فاحتاج علماؤها أن يظهروا إنكار ذلك فكثر منهم من قال ذلك كما أن التجهم وتعطيل الصفات لما كان ابتداء حدوثه من خراسان كثر من علماء خراسان ذلك الوقت من الانكار على الجهمية ما لم يوجد قط لمن لم تكن هذه البدعة فى بلده ولا سمع بها كما جاء فى حديث: إن لله عند كل بدعة يكاد بها الاسلام وأهله من يتكلم بعلامات الإسلام فاغتنموا تلك المجالس فإن الرحمة تنزل على أهلها أو كما قال".
بتصرف من "مجموع الفتاوى"، (7/ 311)، و "الإيمان"، ص185، 186.
ولا يعني ذلك الخوض في الأعراض بالباطل، فالعدل حتم لازم مع الموافق والمخالف، وإنما يكون التنبيه بقدر ما تحصل به المصلحة وتندفع به المفسدة.
و "العدل واجب لكل أحد على كل أحد في كل حال والظلم محرم مطلقا لا يباح قط بحال، قال تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"
"منهاج السنة"، (5/ 126، 127).
(وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)، فسنة التدافع بين الحق والباطل قائمة إلى قيام الساعة، ولولاها لما جرد سيف، ولا خط قلم، ولا نطق لسان نصرة لدين الله عز وجل.
وأهل الكفر المحض، أمرهم بين، لا سيما إن تعدوا وظلموا، خلاف أهل البدع الذين قد يخفى أمرهم على كثير من المسلمين لا سيما في أزمنة الغربة التي يقل فيها العلم ويفشو فيها الجهل، فإن للقوم نوع انتماء للإسلام يلبس على كثير منا، كما حصل في حرب الصيف الماضي في "لبنان"، بعد الهجمة العنترية المفتعلة التي أريد بها صرف الأنظار عما يحدث لإخواننا في العراق الحبيب، ومن ثم خرج مسعرها ليقول لنا بمنتهى البساطة: لم أتوقع أن تبلغ الأمور هذا الحد!!!!!، فتسبب في دمار بلد بأكمله، بقرار فردي مستورد من جهة أجنبية، ثم خرج معتذرا!!!!، والمتابع للساحة اللبنانية بعد انتهاء الحرب يلمس ما عاناه إخواننا أهل السنة في لبنان من ويلاتها، فقد كانوا كالعادة: أكبر المتضررين، وعوض الآخرون ولم يعوضوا وسط تجاهل عربي وإسلامي كامل عهدناه من أنفسنا منذ عشرات السنين.
ولو دك القوم الدولة العبرية اللقيطة بالصواريخ مع ما في قلوبهم من غل لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلن تصفو قلوب الموحدين لهم، لأن المعتقد لا يباع بنصر عسكري، ولو كان حقيقيا، فما بالك إذا كان وهميا إعلاميا لا حقيقة له على أرض الواقع، وإن كنا لا نستطيع إخفاء سعادتنا بكل ضربة يتلقاها العدو في فلسطين أو العراق أو أي مكان في العالم، ولكن المعتقد ليس مما يقبل المزايدة أو المداهنة أو المجاملة، وسنة الله، عز وجل، ماضية في هتك سر كل من ادعى دعوى عريضة يريد بها إضلال الأمة، فلا بد أن ينكشف أمره ويظهر عواره، وإن اتشح برداء الجهاد والمقاومة ................. إلخ، فلن يتحرر بيت المقدس بأيدي من تنجست قلوبهم وألسنتهم ببغض وسب، فاتح بيت المقدس: عمر، رضي الله عنه، ومحررها: صلاح الدين يوسف بن أيوب، رحمه الله، وإنما يفتحها من جديد رجال ورثوا المنهج العمري.
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.
وأما الدفاع عن أمير المؤمنين عمر، رضي الله عنه، في هذا المقام، فهو نوع عي من القول، إذ هو، كما تقدم من المتواترات التي لا يراها من طمس الله على بصره وبصيرته، فهو من قبيل: توضيح الواضحات، إذ كيف يطلب الدليل على طلوع الشمس في نهار الصيف إلا من فقد بصره أو اختل عقله؟!!!!.
¥