تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد ذكرني هذا الحادث بحادث وقع في مصر قبل سنتين فجر فيه أحد الشباب المسلمين نفسه في حي "الأزهر"، هكذا قص علينا الإعلام القصص، وكانت النتيجة: أن تعرض أهله للاعتقال والإهانة، بل واعتقل معظم الشباب في حيه والأحياء المجاورة في رد فعل عشوائي اعتدناه من الأجهزة الأمنية في الدول العربية، وراحت وسائل الإعلام، كعادتها في تهويل الأمور، تكيل له الاتهامات بالإجرام والإرهاب ............... إلخ من قائمة التهم الجاهزة، دون أي رحمة أو شفقة بهذا البائس الذي يبلغ من العمر 17 عاما، فلا علم يحصنه من هذه الفتنة، ولا ناصح مخلص يبصره بما يجب عليه في هذه النازلة، ولو وجد أولئك الشباب من يبصرهم بحقائق الإيمان من العلماء والدعاة الربانيين لما أقدموا على هذا العمل غير المشروع.

فالنظر إلى أولئك الشباب يكون بعينين:

عين الشرع: فيلزم توعيتهم وتحذيرهم من هذه الأعمال التي لا يقرها الإسلام، ولو كانت جائزة، لسبقنا إليها الجيل الأول، وقد كانوا في مكة في مجتمع يغلب عليه الكفر، بل الكلمة العليا فيه للكافرين، فكانت الدار: دار حرب، ومع ذلك لم يفجر أحد من الصحابة نفسه في "دار الندوة"، ولم يرفع مسلم السلاح في هذه المرحلة من الدعوة، بل كان الجهاد في أول الأمر: محرما، حتى لا تفنى الجماعة المسلمة إذا دخلت في صراع غير متكافئ مع العدو الذي يفوقها عددا وعدة.

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا).

ولما هاجر المسلمون إلى المدينة وقامت الدولة المسلمة: أذن بالجهاد، فصار مباحا: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).

ثم شرع جهاد الدفع: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).

ولما بلغت الدولة المسلمة درجة من القوة تؤهلها لجهاد الطلب أذن به: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، والقتال هنا موكول للدول لا الأفراد الذين يقومون بعمليات عشوائية تعطي المبرر للعدو لاقتحام أرضنا بحجة: "مكافحة الإرهاب" و "الحفاظ على أمنه القومي"، كما حدث بعد تفجيرات 2001 في مدينة نيويورك، إن كان من قام بتنفيذها مسلمون فعلا، مع أن القوم، عند التحقيق، لن يعجزوا عن اختلاق أي مبرر لغزو أرضنا، كما حدث في خدعة "أسلحة الدمار الشامل" في العراق الحبيب، ومع ذلك لا يصح في الأذهان أن نعطيهم المبرر بأيدينا.

فإذا كان هذا حال الجيل الأول في مجتمع كافر، فكيف يصح القيام بمثل هذه العمليات في مجتمعات مسلمة؟!!!!

والعين الأخرى هي: عين القدر التي ترحم أولئك الشباب الذي أتوا من قبل جهلهم بأحكام الدين، فلم يعرفوا: "واجب الوقت" في مثل هذه الفتن التي نعيشها، فهو يختلف من مكان لآخر، ومن فرد لآخر، فواجب الوقت في العراق الحبيب، ليس كواجب الوقت في مصر أو المغرب أو الجزائر، وإن كان كل مسلم مطالبا بإعداد العدة المعنوية والمادية لنصرة إخوانه متى استطاع إلى ذلك سبيلا وفق ضوابط شرعية دقيقة لئلا تحدث فتن نحن في غنى عنها، وواجب الوقت للقادر على جهاد البدن غير واجب الوقت للعاجز عنه، وواجب الوقت للقادر على طلب العلم لنفع المسلمين غير واجب الوقت لمن استعصت عليه مسائله ............... وهكذا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير