تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة"

"مجموع الفتاوى(12/ 500، 501).

ويقول في موضع ثان:

"ومهما حصل تردد فالتوقف عن التكفير أولى والمبادرة إلى التكفير إنما تغلب على طباع من يغلب عليهم الجهل".

بغية المرتاد، ص345.

وبعض الناس يظن أن السلامة والاحتياط في إطلاق التكفير لا في التوقف عنه!!!!!.

ويقول في موضع ثالث:

"هذا مع أني دائماً ومن جالسني يعلم ذلك مني، أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة، وفاسقاً أخرى، وعاصياً أخرى، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية. وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية". اهـ

"مجموع الفتاوى(3/ 229).

ويقول في موضع رابع:

"إن المجتهد في مثل هذا من المؤمنين إن استفرغ وسعه في طلب الحق فإن الله يغفر له خطأه وإن حصل منه نوع تقصير فهو ذنب لا يجب أن يبلغ الكفر وإن كان يطلق القول بأن هذا الكلام كفر كما أطلق السلف الكفر على من قال ببعض مقالات الجهمية مثل القول بخلق القرآن أو إنكار الرؤية أو نحو ذلك مما هو دون إنكار علو الله على الخلق وأنه فوق العرش فإن تكفير صاحب هذه المقالة كان عندهم من أظهر الأمور فإن التكفير المطلق مثل الوعيد المطلق لا يستلزم تكفير الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة التي تكفر تاركها.

كما ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي قال إذا أنا مت فأحرقوني ثم استحقوني ثم ذروني في اليم فوالله لئن قدر الله على ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين فقال الله له ما حملك على ما فعلت قال خشيتك فغفر له، فهذا الرجل اعتقد أن الله لا يقدر على جمعه إذا فعل ذلك أو شك وأنه لا يبعثه وكل من هذين الاعتقادين كفر يكفر من قامت عليه الحجة لكنه كان يجهل ذلك ولم يبلغه العلم بما يرده عن جهله وكان عنده إيمان بالله وبأمره ونهيه ووعده ووعيده فخاف من عقابه فغفر الله له بخشيته.

فمن أخطأ في بعض مسائل الاعتقاد من أهل الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر والعمل الصالح لم يكن أسوأ حالا من الرجل فيغفر الله خطأه أو يعذبه إن كان منه تفريط في اتباع الحق على قدر دينه وأما تكفير شخص علم إيمانه بمجرد الغلط في ذلك فعظيم.

فقد ثبت في الصحيح عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لعن المؤمن كقتله ومن رمى مؤمنا بالكفر فهو كقتله.

وثبت في الصحيح أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما وإذا كان تكفير المعين على سبيل الشتم كقتله فكيف يكون تكفيره على سبيل الاعتقاد فإن ذلك أعظم من قتله إذ كل كافر يباح قتله وليس كل من أبيح قتله يكون كافرا فقد يقتل الداعي إلى بدعة لإضلاله الناس وإفساده مع إمكان أن الله يغفر له في الآخرة لما معه من الإيمان فإنه قد تواترت النصوص بأنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان".

"الاستقامة"، ص134_136.

وقد تعمدت الإكثار من النقل عن أبي العباس بن تيمية، رحمه الله، في هذه المسألة الجليلة باعتباره: إمام التكفيريين!!!!!!، كما يزعم خصومه، ولكونه: الأب الروحي، إن صح التعبير، للصحوة الإسلامية في العصر الحاضر، فما من صاحب دعوى، وإن كانت باطلة، إلا وهو يظهر التعظيم له، وإن كان يبطن خلافه، ليتأيد بشعبيته الواسعة في أوساط الجماعة المسلمة.

فالتكفير المطلق باب، وتنزيله على فرد بعينه باب آخر، وما حصل ما حصل من فتن إلا بسبب الخلط بين هذين البابين.

وأخيرا فإن بعض الفضلاء قد ينكر ما جرى، إنكارا شديدا، وهذا الواجب على كل مسلم يعرف حرمة الدماء، ولكن إنكاره قد يخرجه إلى نوع من التعدي على بعض التيارات الإسلامية التي غلت في هذا الباب، فينعتها مباشرة بأنها: "خوارج العصر الحديث"، والمتتبع لتاريخهم يجد أنهم، قد وافقوا الخوارج في بعض مسائل الأسماء والأحكام والسيف، كما تقدم، ولكنهم عند التحقيق، يوافقون أهل السنة في معظم أصولهم العقدية، فالخوارج، كمصطلح عقدي في كتب الفرق، تميزوا عن الجماعة المسلمة بأنهم:

يكفرون عثمان وعليا، رضي الله عنهما، وسائر الصحابة الذين عاصروا الفتنة.

وينكرون الاحتجاج بأخبار الآحاد مطلقا، لأنهم يكفرون جل حملتها من الصدر الأول رضوان الله عليهم.

ويكفرون عموم المسلمين.

وهم في باب الأسماء والصفات: على طريقة المعتزلة في إثبات الأسماء وإنكار الصفات.

............. إلخ من الأصول الباطلة التي تأسس مذهبهم عليها، والواقع يشهد أن هذه التيارات الإسلامية السابق ذكرها، ليست على شيء من هذه الأصول الباطلة، وإنما وافقوا الخوارج في مسألة الأسماء والأحكام، ومسألة الخروج على أئمة الجور، كما تقدم، فوصفهم بـ: "الخوارج"، هكذا بإطلاق، فيه نوع تجوز، ولا يعني ذلك الرضا بما ارتكبوا، وإنما العدل يقتضي عدم ظلمهم ووصفهم بما ليس فيهم، فهم إخواننا بغوا علينا، فسفكوا الدم الحرام، بتأويل فاسد.

وفي كتاب "الفقه الأكبر" للإمام أبي حنيفة رحمه الله:

فما تقول فيمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيتبعه على ذلك أناس فيخرج على الجماعة هل ترى ذلك؟، قال: لا، قلت: ولم وقد أمر الله ورسوله بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهو فريضة واجبة، قال: هو كذلك لكن ما يفسدون أكثر مما يصلحون من سفك الدماء واستحلال الحرام.

نقلا عن "مجموع الفتاوى"، (5/ 47).

فالخروج على أئمة الجور قديما وحديثا لم تجن منه الأمة إلا الشوك.

اللهم اغفر لمن قتل في هذه الأحداث ظلما وعدوانا من إخواننا الموحدين، وتجاوز عمن فعلها، إن كان متأولا أو جاهلا.

والله أعلى وأعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير