[جهود الفقهاء المالكية في مواجهة الفرق المخالفة]
ـ[ربى الجزائرية]ــــــــ[27 - 10 - 09, 07:53 م]ـ
جهود المالكية في مواجهة الفرق المخالفة
في الغرب الإسلامي
منقول
الدكتور عبد السلام شقور
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
تطوان - المغرب
في البداية أريد التنبيه إلى أن لموضوعنا المثبت أعلاه جوانب كثيرة كلها تستحق البحث نظراً لأهميتها وجدة البحث فيها، ويمكن حصرها في موضوعين كبيرين هما:
- موضوع تلك المواجهة، نعني مواجهة المالكية لغيرها من الفرق المخالفة من حيث الأسس المذهبية التي تقوم عليها تلك المواجهة، وهنا يلزم الرجوع إلى أصول تلك الفرق، وقبل ذلك إلى أصول المالكية من أجل المقارنة وبيان أوجه الاتفاق والاختلاف في الأصول والفروع بين المذهب المالكي وبين تلك الفرق.
- وأما الموضوع الثاني فيتعلق بدراسة التاريخ السياسي والثقافي لتلك المواجهة، والبحث فيه يتكون من شقين: شق تنصب فيه الدراسة على تلك المواجهات وأثرها في خلق الأحداث السياسية وفي توجيهها، وفي الشق الثاني ينصرف البحث إلى الأثر الثقافي العام الذي كان لتلك المواجهات، كل هذا مع ما يستلزمه البحث من مقدمات ونتائج. وهذا ما حاولنا القيام به، والأمل أن يكون بحثنا مدخلاً لكتابة التاريخ السياسي والثقافي للغرب الإسلامي بشكل يتم توظيف كل عناصر ذلك التاريخ من أجل فهم أفضل، فلا يكون تاريخها تاريخ أسر حاكمة وتاريخ قبائل متطاحنة.
واجهت المالكية في غرب العالم الإسلامي واقعاً مغايراً لما واجهته في شرق العالم الإسلامي، والحق أنه مع الصلة الحميمة لشرق العالم الإسلامي مع غربه بفضل وحدة الدين واللغة، فإن لتاريخ كل منطقة من المنطقتين خصوصيتها التاريخية، وذلك يرجع إلى اختلاف المكونات والظروف بينهما.
وإذا كانت الدراسات الخاصة بتاريخ المذاهب الفقهية والفرق الكلامية والطوائف والفرق الدينية بشكل عام قطعت شوطاً كبيراً فيما يخص الجناح الشرقي من العالم الإسلامي، فإن البحث في تاريخ تلك المذاهب والفرق والطوائف في الجناح الغربي ما زال في بدايته، هذا مع ما يواجه هذا البحث من صعوبات شتى، تتمثل على الخصوص في ندرة المصادر الضرورية، وهكذا فإن الباحث في تاريخ المذاهب والفرق في المشرق يجد بين يديه المصادر الكافية في حين ضاعت جل المدونات المعتمدة في موضوعنا، وقد عني فقهاء المالكية رحمهم الله بتأريخ أعلام مذهبهم، وفي سياق ذلك ذكروا أوجه الصراع بين المالكية وغيرهم من المخالفين لهم، وتعد "طبقات المالكية" المصدر الأول لأي بحث يروم الكشف عن تاريخ المذهب في الغرب الإسلامي، ويعد كتاب "ترتيب المدارك" للإمام القاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي أول تصنيف في هذا الباب يعول عليه في التأريخ للمالكية عموماً وللمالكية في الغرب الإسلامي خصوصاً، وقد وقف القاضي عياض رحمه الله عند كثير من المعارك التي خاضها المالكية في مواجهتهم للفاطميين ولغيرهم من الفرق والطوائف، وهو دون شك أوفى مصدر في هذا الباب.
وتقدم صلات وذيول "ترتيب المدارك" المذكور مواد إضافية يعول عليها كذلك في البحث عن تاريخ الفرق الإسلامية في الغرب الإسلامي، نذكر منها "الديباج المذهب" لابن فرحون، و"نيل الابتهاج" و"كفاية المحتاج" وكلاهما لأبي العباس أحمد المشهور بأحمد بابا التنبوكتي، و"أزهار البستان" لابن عجيبة، و"شجرة النور الزكية" لابن مخلوف، و"الفكر السامي" للحجوي. إن "طبقات المالكية" لا تقف عند حد التعريف بأعلام المذهب المالكي، ولكنها تتجاوز ذلك إلى التاريخ الفكري والسياسي للمنطقة، وتنفرد عن كتب التاريخ العام بكثير من المواد التاريخية التي لا يعني بها عادة المؤرخون الرسميون ومن نحا نحوهم.
وكان المستشرقون أول من استثمر هذه المصادر وأشباهها في التأريخ للفرق الإسلامية بشمال إفريقيا والأندلس، وقد أفرد ألفرد بل كتاباً ضخماً للفرق الإسلامية في شمال إفريقيا ([1] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn1))، ثم خص برونشفيك المذهب المالكي ببحث خاص ([2] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn2))، كشف فيه عن الأثر الكبير للمالكية في تاريخ الغرب الإسلامي.
¥