تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبين البرغواطيين والفاطميين بعض العلائق مع فارق يكمن في الإجماع على القول بخروج البرغواطيين عن الإسلام، حتى أن ابن الخطيب اعتذر عن إيراد أخبار حولهم في كتابه "أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام"، فالبرغواطيون كمن لم يكونوا مسلمين فقد خرجوا عن شرطه في كتابه. قال ابن الخطيب: «قال بعض المؤرخين: ليس قبيل برغواطة لأب، ولا يرجعون إلى أصل، وإنما هم أخلاط من قبائل شتى، زناتة اجتمعوا لصالح بن طريف القائم بتامسنا وقد عين - زعم - نحلة لنفسه ودينا، وذلك على عهد هشام بن الحكم بقرطبة، وذكروا أن صالح بن طريف استوزره ميسرة الحقير، أمير الغرب عند الفتح ثم عزله وكتب له كتاباً إلى أهل تامسنا وقومه من زناتة البربر يوصيهم به ويصف فضله وعمله، وكان صالح هذا مصمودي الأصل وقيل كان إسرائيلي الأصل نشأ بقرية برباط الأندلس، ورحل إلى المشرق، فقرأ على عبيد القدري المعتزلي، واشتغل بالسحر فمهر فيه وقدم المغرب فاستمال من لقيه بما أظهر من الإسلام والزهد والورع ... فاستهواهم .. فأقروا بفضله واعترفوا بولايته فولوه على أنفسهم ([21] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn21)).

ووجه الشبه بين الفاطميين والبرغواطيين يكمن في القول ببعض المبادئ الخاصة بالفكر الشيعي، وكان البرغواطيون ينتظرون الإمام السابع منهم.

وأما نحلتهم فيوجز ابن الخطيب حديثه بقوله: «وزعم - أي صالح بن طريف المذكور - أنه المشار إليه في القرآن، وشرع لهم الديانة التي قرر ضلالها في سنة خمس وعشرين ومائة وهي: أمور غريبة مضحكة، يأمر بصوم رجب فيها وأكل رمضان، وخمس صلوات بالليل، وشرع في الوضوء غسل السرة والخاصرتين، وأباح تزوج النساء مما فوق أربع، وحرم تزوج بنت العم وشرع قتل السارق، وحرم أكل رأس كل حيوان، وحرم ذبح الديك، ومن قتل ديكاً أعتق رقبة، ووقع لهم سوراً بلغت ثمانين سورة» ([22] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn22)).

وهناك من جهة أخرى صلة بين الخوارج الصفرية في المغرب وبين البرغواطية وذلك أن صالحاً بن طريف البرغواطي مؤسس نحلتهم ودولتهم كان على صلة بالخارجي الثائر في طنجة والذي تسميه المصادر ميسرة، وتنبزه بالحقير، ولعله الخفير في الأصل ([23] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn23)). ولعل صالحاً هذا كان والياً لميسرة على تامسنا ثم بدا له أن يؤسس نحلة خاصة به، ودولة يورثها أبناءه من بعده.

كان عداء المالكية للبرغواطيين كبيراً، فهم بالإجماع كما قلنا خارجون عن الإسلام، لذا وجب حربهم، ثم إن خطرهم كان عظيماً، إذ دخل تحت حكم البرغواطيين خلق كثير فكان على المالكية أن يعملوا من أجل وقف حملة الردة. فدخل الأدارسة في حربهم، وكانت فاس عاصمتهم قد صارت معقلاً للمالكية، وزالت دولة الأدارسة وبقيت دولة البرغواطيين تنشر الضلال، إلى أن قضى عليها المالكية في عصر المرابطين، فقد أفلح عبد الله بن ياسين مؤسس دولة المرابطين المشهور في تحريك القبائل الصحراوية من لمتونة وكدالة ومسوفة وغيرهم، وكانت الحرب طاحنة بين قائد عبد الله بن ياسين، الفقيه المالكي أبي بكر بن عمر اللمتوني، وبين البرغواطيين، وفتح المغرب من جديد، ثم إن عبد الله بن ياسين نفسه قام لمحاربتهم، وكان مقتله رحمه الله في حرب البرغواطيين في بسيط تامسنا.

لقد كان من نتائج الصراع المرير الذي خاضه المالكية في مواجهة العبيديين والصفرية والبرغواطية خلال قرن كامل هو القرن الرابع، أن عمل فقهاء المالكية على إيجاد دولة تكون دولتهم تحارب باسمهم وتنتصر لهم، ويستندون إليها كلما هبت عاصفة، وقد وجدوا أخيراً في سواعد الملثمين ما يحقق غايتهم، فكان اللقاء الشهير بين الفقيه أبي عمران الفاسي الغفجومي وبين يحيى بن إبراهيم الكدالي في القيروان بداية تأسيس تلك الدولة، وهي دولة الفقهاء أو دولة المرابطين الصنهاجية ذات المآثر الجليلة وأعظمها مراكش وهي من بناء هذه الدولة، والانتصار العظيم في معركة الزلاقة على النصارى في الأندلس 479 ه، والزيادة بذلك في عمر الإسلام في الأندلس أربعة قرون.

كانت القبائل الصحراوية تتطلع إلى شمال إفريقيا في زحفها، فكانت تفتقر إلى دعم ديني وروحي، فجاء هذا الدعم على يد المالكية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير