تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويظهر أن المذهب الخارجي وصل إلى المغرب مع الجيش الفاتح، فما إن انتهى الفتح حتى اشتعل المغرب بثورة خارجية، وتم الإعلان عن ميلاد دولة خارجية في مدينة طنجة سنة 122 ه ([12] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn12))، ثم ما لبثت أن تكونت إمارتان خارجيتان إحداهما إمارة بني مدرار الصفرية والثانية دولة بني رستم الإباضية ([13] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn13))، وأثناء القرن الثاني للهجرة فإن الخوارج لم يجدوا منافساً قوياً ولذلك انتشرت دعوتهم في كل شمال إفريقيا فيما يعرف حالياً بالمغرب العربي، ولكنه ما إن ظهرت دولة الأدارسة في فاس وقويت مكانتها بمن وفد عليها من المهاجرين الأندلسيين والقيروانيين، وكان هؤلاء المهاجرون على مذهب مالك، وظهرت دولة الأغالبة في إفريقية وانتشر مذهب مالك فيها بفضل من عاد إليها من تلامذة مالك حتى ضاق الأمر على الخوارج، ونشطت المالكية في محاربتهم، وكان رد المالكية على الخوارج والمعتزلة رداً عنيفاً، آية ذلك هذه العبارة وهي لابن رشد إذ قال: «المعتزلة مجوس هذه الأمة». وورد في عبارة سابقة من نفس هذا النص المنقول عن المعيار قول أحد الفقهاء المالكية منتقداً الخوارج في تصويبهم الرأي القائل بوجوب الخروج عن الإمام الجائر، إذ يقول: «فهو إما غير مؤمن أو خارجي من مجوس هذه الأمة» ([14] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn14)). وقد اضطرت المالكية إلى التحالف مع الخوارج لمواجهة الشيعة الفاطمية، علماً أن الخوارج إنما هدأت رياحهم على يد الفاطميين.

لم تخلف مواجهة المالكية للخوارج سوى إشارات في المصادر التاريخية، ولم تسفر عن كتابات يعتد بها ([15] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn15)).

تميز وجود الفاطميين في المغرب منذ قيام دولتهم في سنة 279 ه ([16] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn16)) بصراع عنيف مع كل من الخوارج والمالكية حتى إن المالكية تحالفوا مع الخوارج لمواجهة الفاطميين، والحق أن الفاطميين طعنوا في المعتقدات التي قام عليها إيمان الناس، حيث بالغوا في النيل منها بالتشنيع الفظيع في حق أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وسخروا لذلك جهالهم ([17] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn17)). وآذوا المالكية فنكلوا بهم أشد التنكيل وقاوم المالكية ذلك وكان نصيب المالكية في إفريقية كثيراً من التنكيل، ولم تسلم الإمارات المالكية من أذاهم في المغرب الأقصى، فقد خربت جيوش الفاطميين إمارة نكور وقضت على دولتهم، ودخل الفاطميون فاس وكانت من معاقل المالكية، وكذلك كما دخلوا سجلماسة معقل الخوارج من الصفرية في المغرب الأقصى، وقد أرهب هذا كله دولة الأمويين في الأندلس، وخاف الأندلسيون على أنفسهم من أن تشرئب أعناق الفاطميين إلى حكم الأندلس فاضطروا إلى التدخل عن طريق بعض الثائرين في المغرب، وأصبح المغرب الأقصى بذلك واجهة للصراع بين الفاطميين في الشرق والأمويين في الشمال، أو إن شئت قلت بين السنة من المالكية وبين الفاطميين من الشيعة. والملاحظ أن المغرب والأندلس وعامة الغرب الإسلامي على شدة حبهم لآل البيت عامة، ولأحفاد فاطمة الزهراء خاصة، وهو حب عبروا عنه شعراً ونثراً ([18] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn18)) فإنهم لم يتجاوزوا في حبهم هذا إلى حدود التشيع ([19] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn19)) فلم يومنوا بمقولات الشيعة. ولقد اضطر الفاطميون من الشيعة ([20] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn20)) العبيديين إلى الخروج من المغرب تاركين بذلك عاصمتهم المهدية إلى عاصمتهم الجديدة وهي القاهرة، وذاك لفشلهم الذريع في الاستقرار بالمغرب اعتماداً على القوة والتنكيل، وكان فقهاء المالكية يحرضون العامة ضدهم طوال وجودهم في المغرب، فكان خروجهم من المغرب انتصاراً للمالكية فيه. ولئن كانت دولة الشيعة الفاطميين قامت على قبيلة "كتامة" وهي بربرية صنهاجية، أي أمازيغية، فإن دولة برغواطة قامت على قبيلة بربرية أخرى هي "زناتة" وهي بربرية صنهاجية أيضاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير