تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ظل كتاب "الإحياء" على الرغم من موقف المالكية في الغرب الإسلامي مصدراً أساسياً من مصادر التصوف إلى جانب "الرسالة القشيرية" و"حلية الأولياء" بل إن إقبال المتصوفة في هذه الجهة من العالم الإسلامي على "الإحياء" زاد، وهذا أبو الفضل النحوي المذكور سابقاً كان يعمد إلى تجزئة "الإحياء" بحسب أيام شهر رمضان فيقرأ كل يوم جزءاً منه، ويبدو أن المالكية انتهى بهم الأمر إلى قبول الكتاب لأسباب منها: أن مذهب صاحبه غير بعيد عن مذهبهم فأبو حامد شافعي، ثم إن الغزالي لا يذهب في آرائه مذهب أصحاب الشطحات الصوفية أمثال الطوسي والحلاج وابن سبعين وابن عربي الحاتمي.

وإذا كانت المواجهة بين المالكية والغزالية انتهت بما يمكن أن يسمى بالمصالحة، فإن المالكية بقيت مع ذلك تراقب الحركات الصوفية وتفرض توجيهاً خاصاً عليها، وقد تمكنت المالكية من فرض توجيهاتها في هذا المجال، آية ذلك أن مشاهير الصوفية الذين أمعنوا في شطحاتهم الصوفية مثل ابن عربي وابن سبعين لم يكن لهم أثر في الغرب الإسلامي وذلك رغم الضجة الكبرى التي أثارها الرجلان في المشرق.

واصلت المالكية طوال التاريخ التصدي لكل حركة صوفية تخرج في الظاهر والباطن عن المقررات الصوفية في القول والعمل، وأهم مظاهر هذه المواجهة تمثله المحاكمة التي عقدها الفقهاء للصوفي الشهير أبي العباس أحمد بن عجيبة الدرقاوي ([28] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn28)).

- التومرتية: نسبة إلى ابن تومرت مؤسس المذهب، ويقوم هذا المذهب على شقين: أحدهما عقدي، وآخر سياسي، ففي الشق العقدي يتكئ ابن تومرت على آراء المعتزلة ويذهب إلى ما ذهبوا إليه في التأويل، وقد تسمى المذهب التومرتي بالمذهب الموحدي، ومن ثم تسمت حركتهم بدولة الموحدين، وقد قامت دعوة المهدي على تكفير المرابطين باعتبارهم من المجسمة من حيث أخذهم في القول بالصفات على ظاهرها، وهو وهم وتهمة باطلة، رمى بها المعتزلة خصومهم من أهل السنة، وقد ذكر القاضي عياض أن أهل السنة قبل ظهور الأشعري كانوا يرمون بالتجسيم ويدعون بالمثبتة، ومن تتبع آراء عياض في "الشفا" يجد أنه بعيد عن التجسيم بريء منه ([29] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn29)). وأما الشق الثاني من المذهب التومرتي فيقوم على آراء اقتبسها بن تومرت من الشيعة، ومن أهم ما أخذه عنهم في هذا الباب القول بالمهدوية وادعائه لها، وقد ادعى المهدي لنفسه هذا اللقب وخص نفسه به، وردده شعراء الدولة الموحدية كذلك في شعرهم ([30] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn30))، وقد تمكن المهدي من أن ينشر مذهبه الذي بسطه في كتابه المعروف بعنوان "أعز ما يطلب" ([31] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn31)).

لقد عاشت دولة الموحدين في الأصل هذا المذهب إلى أن تبرأ منه المأمون وهو منهم فأعلن تخليه عنه، بل اجتث هذا المذهب من أصله، فكان في ذلك نهاية دولته ودولة الموحدين ونهاية المذهب التومرتي.

- مذاهب سنية مخالفة: دخلت الغرب الإسلامي مذاهب سنية غير المذهب المالكي، وقد أشار القاضي عياض رحمه الله في "ترتيب المدارك" إلى أحد الأشياخ الذين كانوا على مذهب أب حنيفة ([32] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn32)). ولم نقف على أثر بارز لمذهب أبي حنيفة في الغرب الإسلامي غير الآثار التي أوردناها، أما مذهب الأوزاعي فقد استقر في الأندلس، وظل وجوده مستمراً هناك حتى زحزحه المالكية، وذلك دون عناء يذكر، وثالث المذاهب السنية المخالفة للمذهب المالكي هو مذهب ابن حزم القرطبي الظاهري الشهير بتصانيفه العديدة وآرائه المتميزة، وكانت وفاته رحمه الله سنة 456 ه، وقد تجسد المذهب الظاهري في الأندلس بكونه لم يكن له نزوع سياسي ولا مظهر اجتماعي، وإن كان قد مس جوانب من الإنتاج العلمي في الأندلس إذ ظهر أثره في النحو وغيره، وكان للظاهرية خصمان أحدهما المالكية، والثاني الصوفية ([33] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn33)) وقد لقي ابن حزم في الأندلس مواجهة عنيفة بسبب آرائه، وعانى من الفتنة الأندلسية أو الفتنة البربرية كما يسميها البعض. وللأندلسيين من المالكية ردود على ابن حزم ساق ذكر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير