تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا المبحث من الأهمية بما كان لأنه يرد على التهمة الجائرة التي وجهها المستشرقون وأذنابهم من المستغربين من أبناء المسلمين إلى أئمة الحديث بأنهم لم يهتموا إلا بنقد الأسانيد، دون إلتفات إلى نقد المتون، فكأنهم يقولون بأن رجالكم نقلوا لنا أحاديث مسندة بفلان عن فلان دون فقه أو معرفة بالنصوص، وممن تصدى لهذه التهمة الجائرة، الدكتور / الحسين شواط في كتابه "حجية السنة"، حيث أفرد لها مبحثا كاملا، تحت عنوان "مناقشة الشبهات المتعلقة بحجية السنة"، حيث بين أن معايير نقد الإسناد عند المحدثين ستة إجمالا، وهي: اتصال السند، وعدالة الرواة، وضبط الرواة، والسلامة من الشذوذ، والسلامة من العلة القادحة، ووجود العاضد عند الإحتياج إليه.

وأما معايير نقد المتن فهي أكثر من خمسة عشر منها:

عدم مخالفة القرآن، عدم مخالفة محكم السنة، عدم مخالفة الإجماع المستقر، عدم مخالفة المعلوم من الدين بالضرورة، عدم مخالفة العقل الصريح، عدم مخالفة الحس الصحيح، عدم مخالفة حقائق التاريخ الثابتة، أن لا يكون الحديث ركيك اللفظ، أن لا يخالف القواعد العامة في الحكم والأخلاق، أن لا يخالف البدهي في الطب والحكمة، أن لا يكون داعية إلى رذيلة تتبرأ منها الشرائع، أن لا يشتمل على سخافات يتنزه عنها العقلاء فضلا عن الأنبياء، أن لا يوافق مذهب الراوي الداعي إلى بدعته، أن لايخبر عن أمر في حضور عدد عظيم من الناس ثم ينفرد به واحد، أن لا يشتمل عل إفراط في الثواب العظيم على الفعل الصغير، ألا يبالغ في الوعيد الشديد على الخطأ الحقير.

شروط الإسناد:

1. أن يكون راوي الخبر ثقة يحتج به، (أي أن تتوفر فيه عدالة الدين، وأن يكون ضابطا حافظا)، بمعنى أن يكون صوابه أكثر من خطئه ووهمه، فيكون الأصل الإحتجاج به حتى يدل الدليل على خطئه أو وهمه، وإن كان الراوي صاحب كتاب، فإنه يشترط أن يكون كتابه مضبوطا، بمعنى أن يصونه من إدخال ما ليس منه فيه، وألا يعيره لأحد، ولذلك كانوا يبخلون عن إعارة كتبهم، وعدمُ إعارتهم للكتاب كان يعد مدحاً فيهم، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

§ قال الإمام أحمد: قال أبو قطن (عمرو بن الهيثم) - وكان ثبتاً -: "ما أعرت كتابي أحداً قط"

§ وقال علي بن قادم: سمعت سفيان يقول: "لا تُعِرْ أحداً كتاباً"، وقال الربيع بن سليمان: كتب إليّ البويطي: "احفظ كتبك، فإنه إن ذهب لك كتاب لم تجد مثله".

وكان بعض ضعاف النفوس يُدخل في كتب الناس أحاديث ليست من أحاديثهم، منهم:

§ حبيب بن أبي حبيب أبو محمد المصري وقيل المدني كاتب مالك، قال ابن حبان:كان يورّق بالمدينة على الشيوخ، ويروي عن الثقات الموضوعات، كان يدخل عليهم ما ليس من حديثهم، وسماع ابن بكير وقتيبة كان بعَرْض ابن أبي حبيب، ذكره الذهبي في "الميزان"، وممن نبه على ذلك ابن حبان في مقدمة كتابه "المجروحين"، حيث قال: ((وجماعة من أهل المدينة امتحنوا حبيب بن أبي حبيب الورّاق، كان يُدْخل عليهم الحديث، فمن سمع بقراءته عليهم فسماعه لا شيء.

§ كذلك كان عبدالله بن ربيعة القدامي بالمصيصة، كان له ابن سوء يُدخل عليه الحديث عن مالك وإبراهيم بن سعد وذويهم.

§ وكان منهم سفيان بن وكيع بن الجرّاح – وكان له وراق يقال له: (قرطمة)، يدخل عليه الحديث في جماعة مثل هؤلاء، ويكثر عددهم.

§ وكقيس بن الربيع الذي أدخل ابنه في حديثه ما ليس منه: كما ذكر ذلك ابن نمير، حيث قال: كان له ابنٌ هو آفته، نظر أصحاب الحديث في كُتبه فأنكروا حديثه، وظنوا أن ابنه قد غيّرها.

§ وكعبد الله بن صالح كاتب الليث حيث حيث أدخل جاره في حديثه ما ليس منه، ولذا ذكره العقيلي في الضعفاء.

والثقات على درجات:

§ المشهورون بالرواية وهم الحفاظ العدول.

§ الحافظ الضابط مجروح العدالة من جهة تلبسه ببدعة من البدع مع كونه صدوقا في نفسه، وقد نقل الحاكم في الإكليل، أن العمل على قبول رواية هؤلاء هو المعتمد عند أهل العلم.

§ الرواة الغير مشهورين الذين رووا أخبار مستقيمة ودلت الأدلة والقرائن على قبول أخبارهم، وهذا القسم قد يعبر عنه بعض العلماء (بالمجهولين)، وقد توسع الذهبي في الكلام على هذا القسم كما سيأتي إن شاء الله.

2. ويشترط أن يكون حال الرواة من حيث التوثيق في كل طبقات السند.

3. اتصال السند.

4. ألا يكون الحديث شاذا أو معللا، وسيأتي الكلام على هذا بالتفصيل إن شاء الله.

والملاحظ من صنيع المتقدمين، أن الحديث إما صحيح وإما ضعيف، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام، في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، حيث قال: "ولكن كان في عرف أحمد بن حنبل ومن قبله من العلماء أن الحديث ينقسم إلى نوعين: صحيح، وضعيف. والضعيف عندهم ينقسم إلى ضعيف متروك لا يحتج به، وإلى ضعيف حسن، كما أن ضعف الإنسان بالمرض بنقسم إلى مرض مخوف يمنع التبرع من رأس المال وإلى ضعف خفيف لا يمنع من ذلك، ومثل أحمد للحديث الضعيف الذي يحتج به بحديث عمرو بن شعيب وحديث إبراهيم الهجري ونحوهما. اهـ، ولم يشتهر لفظ الحسن في عصرهم حتى ذكره الترمذي في جامعه، وإن كان هذا اللفظ قد ورد في كلام بعض المتقدمين على الترمذي، كشيخه البخاري وشيخ شيخه علي بن المديني، الذي قيل بأنه أول من استخدم هذا اللفظ وإن كان استخدامه له لم يكن بمعناه الإصطلاحي الذي تقرر بعد ذلك في علم المصطلح.

ويرجع الى المذكرة (الكتاب)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير