ـ[خالد مسلم]ــــــــ[11 - 12 - 09, 07:06 م]ـ
يا أخواني اين أجد نظم ألفية روضة الناظر؟
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 07:15 م]ـ
أولاً فحيا الله شيخي أبا مالك العوضي ..
وإنه المرء لا يفرح -والله- بمخالفة مثلك! لأنك لم تخالفه إلا لزيادة علم لديك لم يطلع عليه واتساع في نظرك لم يدركه بصره ..
وهذا يصدقُ الآن في حالي من المبتدئين أمامك يا شيخ والله المستعان.
ولكنني يا شيخ أرى أنني وافقتك في نقاط لا أدري أهي محل وفاق بيننا أم أنني اعتقدتُ ذلك خطأ، وهي:
- أهمية الحفظ ومكانته، وأهمية ما ذكِر من متون في الحفظ كالألفية مثلاً.
- وجود فوائد قد لا توجد في المطوّلات، فأنت مثلت لها وأوجبتَ حفظها جميعاً، وأنا أوجبت حفظ تلك الزيادات مجرّدة.
- الاتفاق على أهمية التدرُّج في تلك المتون في الدرس والقراءة، وأنا خالفتُ ذلك التدرّج في الحفظ كما نبّهتَ عليّ.
- أوافق أن المسألة ليست مسألة وقت فقط، بل المهم في هذا الباب هو قولك -أحسن الله إليك-:
ترسيخ مسائل العلم في ذهن الطالب، وهذا لا يحصل إلا بعدة متون متدرجة، لكن أقول يمكن تحصيل ذلك في الدرس، فلماذا نجعله في الحفظ؟
ترسيخ مسائل العلم ليس طريقته الوحيدة الانتقال من متن إلى متن أعلى، وهذا وإن كان صحيحاً، ولكن من طرقه أيضاً التكرار المستمر للمتن الواحد! وبالتالي نستطيع تصوّر كون بعض العلماء يكررون بعض الكتب مئات المرات كما في سيرهم.
- أوافقك يا شيخ في أننا لا نستطيع مطالبة المبتدئ بحفظ الألفية، وهذا صحيح، لكننا لا نوجب على كل طالب علم حفظ الألفية، فقد نقول يكفيك حفظ قصب السكر -مثلاً- إن كنت مكتفياً، أما من سمَت همته لأعلى من ذلك، فنقول ضريبة هذه الهمة أن ترتقي الألفية.
بل قد ننصحه بالتدرُّج في الحفظ في المتون المنثورة قبل الألفية، على أن لايحفظ من النظم إلا الألفية، لدفع التشوّش.
لكنني:
- لا أسلم بأن عدة كتب في فنٍّ واحدٍ في الدرس مشوّش لطالب العلم، لأن ذلك من ترسيخ العلم كما ذكرت.
- يلزم نفي التسوية بين الدرس والقراءة والحفظ. وقولك -أحسن الله إليك-:
وكل ما يورد على الحفظ فهو وارد على الدرس.
هذا غير مسلّم به، لأن الحفظ نفيد منه في إيراده بتمامه عند الحاجة، بينما الدرس لا يلزم ذلك.
ولأن الحفظ فيه معاناة في الترسيخ والتكرار لا توجد -بنفس المقدار- في الدرس والقراءة.
ولأن الدرس ينتفي التشويش فيه لأنه يلزم فيه الكتاب في أثناءه، بينما الحفظ يلزم منه عدم الكتاب في أثناء الاستشهاد، لأنه تغييب للمحفوظ في العقل، وهذا مظنة التشويش، وإن اتفقا في الرجوع إلى الكتاب عند المراجعة.
- أما قولك -أحسن الله إليك-:
أن القراءة أيضا تراد لمعرفة المعلومة وهذا يكفي فيه المطولات دون المختصرات
فهذا وإن ذهب المرء للمطوّلات تشوّش، فعليه بسلوك جادة المختصرات ثم المطوّلات، فهي عكس الحفظ المنظوم تماماً، فلو حفظ مختصراً منظوماً ثم انتقل اإلى الألفية لتشوّش، ولكن في القراءة والنثر لابد لفهم المطوّلات سلوك المختصرات.
و قولك-أحسن الله إليك-:
ثم إن هذا غير منطبق على الواقع؛ فإن الثابت بالتجربة المطردة عند كثير من طلبة العلم أن من يحفظ متنا صغيرا ثم متنا متوسطا ثم متنا مطولا، يستغرق وقتا أقل من الذي يحفظ فقط المتن المطول مباشرة، وإن لم تصدقني فاسأل الحفاظ من أهل المغرب وشنقيط والصومال وإثيوبيا والهند وغيرهم.
هذا صحيح، لكن في غير النظم.
فقد ننصح بحفظ عمدة الفقه ثم زاد المستقنع، لأنه لا يحصل التشوّش الذي في النثر كما النظم، لكن في النظم يحصل تداخل الأبيات مع بعض، مما يصرف وقتاً في ضبطها لو جُعل في اعتماد منظومة مطوّلة لكان أجدى.
بل وجدنا أهل شنقيط أنهم يعتمدون ألفية ابن مالك دون غيرها مما صنّفه الشناقطة أنفسهم، وأقول اعتماد بمعنى الشرح والاستشهاد والتكرار والمدارسة والمراجعة، وإن اعتنوا بنظم الآجرومية، إلا أنه لا يقارن بالألفية.
وأما مثال الحديث الحسن فهذا صحيح، لكنه مثال نادر، لا يلغي أهمية الاستشهاد بالألفية -كما هي جادة أهل العلم- وتركهم الاستشهاد بالبيقونية أو منظومات النخبة أو ما سوى الألفية، وهذا واضح في تصانيفهم وكتبهم، وإن وُجد فإنه ليس بغالب حالهم الذي عُرف عنهم.
فالمدار على ما كثر الاعتناء به وخُدم، وما زاد يؤخذ.
وإذا تزاحمت أهمية التدرّج مع دفع التشويش وضياع الوقت، قدمنا دفع التشويش على أهمية التدرّج، لأن العلم ما كان راسخاً ليس مهتزاً.
وجلب درء المفسده مقدّم على جلب المصلحة.
هذا على فرض حصول التشويش، أما إن أمكن الجمع بينهما دون نشوّش فالجمع أولى من الترجيح.
بقي أن أقول إن علينا التريّث في نصيحة المبتدئ بالمطوّلات، ولكن بحسب الهمة والحال، وهذا مما أفدته من الشيخ أبو مالك حفظه الله.
والله المستعان ..
وكتب الله أجرك يا شيخ
¥