قال الشيخ ابن عثيمين في شرحه للزاد: ومن غرائب العلم: أنهم استدلُّوا به على أن الرَّجل لا يتوضَّأ بفضل المرأة، ولم يستدلُّوا به على أن المرأة لا تتوضَّأ بفضل الرَّجل (1)، وقالوا: يجوز أن تغتسلَ المرأةُ بفضل الرَّجل، فما دام الدَّليل واحداً، والحكم واحداً والحديث مقسَّماً تقسيماً، فما بالنا نأخذ بقسم، ولا نأخذ بالقسم الثَّاني؛ مع العلم بأن القسم الثاني قد ورد في السُّنَّة ما يدلُّ على جوازه، وهو أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اغتسل بفضل ميمونة (2) ولم يرد في القسم الأوَّل ما يدلُّ على جواز أن تغتسل المرأة بفضل الرَّجل، وهذه غريبة ثانية.
وقوله: "حَدَثَ رجُلٍ" يُفهم منه أنه لو أراد هذا الرَّجل أن يُزيل به نجاسة عن بدنه أو ثوبه فإنها تطهُر، وكذلك لو غسل يديه من القيام من نوم الليل؛ لأنَّه ليس بحدث. ويُفهم منه أيضاً أنه لو تَطَهَّرت به امرأة بعد امرأة فإنه يجوز؛ لقوله: "حَدَثَ رَجُلٍ".
وقوله: "يسير" يفهم منه أنه لو كان كثيراً فإنه يرفع حَدثه، والدَّليل أنَّه في بعض ألفاظ حديث ميمونة "في جَفْنَةٍ" (3) والجَفْنَةُ يسيرة.
وقوله: "خَلَتْ به" تفسير الخَلوة على المذهب: أن تخلوَ به عن مشاهدة مميِّز، فإن شاهدها مميِّزٌ زالت الخلوةُ ورَفعَ حَدَثَ الرَّجُلِ (1).
وقيل: تخلو به؛ أي: تنفرد به بمعنى تتوضَّأ به (1)، ولم يتوضَّأ به أحدٌ غيرها. وهذا أقرب إلى الحديث؛ لأنَّ ظاهره العموم، ولم يشترط النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أن تخلوَ به.
وقوله: "لطهارة كاملة" يُفهم منه أنه لو خلت به في أثناء الطَّهارة، أو في أولها، أو آخرها، بأن شاهدها أحد في أوَّل الطَّهارة ثم ذهب، أو قبل أن تُكمل طهارتها حضر أحدٌ، فإنه يرفعُ حدثه؛ لأنَّه لم تَخْلُ به لطهارة كاملة.
وقوله: "عن حَدَث" أي: تَطَهَّرتْ عن حَدَث، بخلاف ما لو تطهَّرتْ تجديداً للوُضُوء، أو خَلَتْ به لتغسلَ ثوبها من نجاسة، أو لتستنجيَ، فإنه يرفعُ حَدَث الرَّجل؛ لأنها لم تخلُ به لطهارة عن حَدَث.
هذا حكم المسألة على المذهب.
والصَّحيح: أنَّ النَّهي في الحديث ليس على سبيل التَّحريم، بل على سبيل الأَوْلَويَّة وكراهة التنزيه؛ بدليل حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما: اغتسل بعضُ أزواج النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في جَفْنَة، فجاء النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ـ ليغتسل منها، فقالت: إني كنت جُنباً. فقال: "إن الماء لا يُجنب" وهذا حديث صحيح.
وهناك تعليل؛ وهو أن الماء لا يُجنب يعني أنها إذا اغتسلت منه من الجنابة فإن الماء باقٍ على طَهُوريته.
فالصَّواب: أن الرَّجل لو تطهَّر بما خلت به المرأةُ؛ فإن طهارته صحيحة ويرتفع حدثه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. انتهى كلامه رحمه الله
قول الشيخ ابن عثيمين ومن غرائب العلم: أنهم استدلُّوا به يعني به حديث: نهيُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أن يغتسل الرَّجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرَّجل.
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[02 - 09 - 05, 12:12 ص]ـ
واصلوا وصلكم الله بما تحبون
بارك الله فيكم
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[19 - 01 - 09, 01:31 م]ـ
ماسر الانقطاع
ـ[عبد الله المزيني]ــــــــ[24 - 01 - 09, 09:37 م]ـ
اود ان اقترح على الاخوة الفضلاء مادامت المدارسة لازالة في اول الكتاب ان نعتني بمسائل الاجماع التي نمر
عليها خلال مدارسة هذا الكتاب القيم.
ـ[أحمد الفلسطيني]ــــــــ[29 - 01 - 09, 09:35 م]ـ
أحبتي جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع
لكن عندي اقتراح
مارأيكم أن تكون المدارسه لهذا الكتاب على تحرير المذهب الحنبلي وليس الراجح. وأيضا تبين مراد المؤلف من العبارات
لأن في هذا الوقت قل من يحرر لك المذهب الحنبلي
سؤالي ماهو ضابط الخلوه عند الحنابله؟
تحياتي لكم
ـ[اسلام المصرى]ــــــــ[04 - 02 - 09, 01:11 م]ـ
اتمنى دراسة هذا المختصر مع كتاب الشرح المختصر للشيخ صالح الفوزان
ـ[ابو انس المكي]ــــــــ[04 - 02 - 09, 02:06 م]ـ
الأخ مسيعيد الكتاب موجود في الوقفيه
أرجو استرار المدارسه وسوف أحاول أناشارك معكم
ـ[ابو انس المكي]ــــــــ[04 - 02 - 09, 02:12 م]ـ
لدي تساؤل أيها الإخوة:
س/ هل نفهم من قول المصنف (أو زال تغير النجس الكثير بنفسه) أن الكثير النجس لو طهر بفعل فاعل مثلا كما يفعل في العصر الحاضر بمطهرات ونحوه هل هو طاهر أم طهور أم نجس على المذهب و إن كان من خلال المتن الظاهر أنه نجس لأنه لم يتغير بنفسه؟
و يبدو لي أن الفتوى بخلاف ما على المتن.
ولكن قوله فإن أضيف الى الماء النجس طهور كثير أو نزح منه بقي بعده كثير يدل على طهورية ماتغير بفعل الفاعل تأمل والله أعلم