[رفع الظلم الدني عن الإمام الترمذي]
ـ[أبو خديجة]ــــــــ[20 - 01 - 04, 05:47 م]ـ
الحمد لله تعالى، وبعد:
هذه كليمات؛ أرجو أن تقع موقع القبول ومن ثم الاحتفال والالتزام.
لاحظت على أهل التحقيق والتعليق - عدا من رحم الله وقليل هم - عندما يخرجون بعض المرويات من (سنن الترمذي) = أنهم يكتفون بذكر موطن الحديث في (سننه) ويغفلون عن ذكر حكم الإمام الترمذي - رحمه الله تعالى -، وهذا واقع مشاهد، وليس من المبالغة ولا التشدق،
فعودا حميدا إخواني للجادة الحميدة، والطرق السديدة؛ فحقيق بأقوال هذا الإمام الحديثية والفقهية، وطريقته المنهجية العلمية والتعليمية؛ أن تزين بها التعليقات والتخريجات، فإنه فقيه المحدثين، ومحدث الفقهاء.
ألا ترى أنه انفرد بطريقة في التصنيف والتأليف صار بها نسيجا وحده، فكتابه: كتاب رواية ودراية، وتصحيح وتضعيف وتعليل، وتعديل وتجريح، وترجيح .. إلى غير ذلك من الفوائد الماتعة التي لو انفرد ببعضها مصنف لقال - بلسان حاله ومقاله -: (أنا، أنا) .. ، مما حمل بعض العلماء على تفضيله على غيره من كتب المحدثين لكثرة ما أفاده هذا الإمام العالم العالم، فرحمه الله تعالى، وجزاه عنا خيرا.
فوجب التنبه والتنبيه، والله تعالى أعلم.
ـ[أبو خديجة]ــــــــ[21 - 01 - 04, 07:57 ص]ـ
تتمة ...
بل يتوجب هذا (الذي ذكرته آنفا) مع كل إمام من أئمة الحديث ممن خصوا تصنيفهم بشيء من الخصوصية الزائدة عن مجرد التوليف والجمع ...
أعني كتب الصحيح مثل الصحيحين، فيقال في التخريج ولابد:
ـ والبخاري في صحيحه ..
ـ ومسلم في صحيحه ..
وعلى هذا فقس، ولا تنخدع بمن يغفل هذه الضرورة الآن، متكأ على اصطلاحات القوم، (من أن مجرد العزو إلى أحد الصحيحين يشعر بالصحة .. )،
نعم؛ كان هذا مفيدا وثابتا في أذهان الكثير من العوام فضلا عن الطلاب، في بعض عصور الازدهار العلمي وشيوع هذه المصطلحات ..
ولكن في أيامنا هذه؛ الكتب أصبحت تطبع بكثرة، ومن ثم تعرض في معارض كثيرة، فتقع في أيدي الناس على اختلاف مشاربهم الفكرية، ومع غربة المصطلحات الحديثية على طلاب العلم الشرعي أنفسهم كدارسي الفقه والتفسير ... ،إلا من رحم.
ولا بد من استحضار مشاركة أصحاب الفكر الحر كالكتّاب والصحفيين وغيرهم ممن يتعرضون في مناسبات شتى لهذه النصوص الشرعية .. ، فربما كان التزام هذا المنهج (أعني ذكر الأحكام عقب كل رواية) = ربما كانت سدا منيعا لكل عابث يسول له شيطانه التقول على الله تعالى وشرعه بغير علم،
فأصبح لزاما الاهتمام بذكر رتبة المرويات الحديثية وغيرها من حيث القبول والرد، لاسيما في الكتب التي تشيع بين عامة المسلمين مثل رياض الصالحين، وتفسير ابن كثير ومختصراته .. إلخ.
وربما يقول أحدهم: ذكر المصنف أو المحقق أو المعتني في مقدمة عمله أن ما سكت عليه؛ فهو صحيح، وما دون ذلك فهو مردود أو سيبين أمره في موضعه، فيكفي هذا البيان، وأن الأئمة قد طبقوا هذه المناهج الشمولية في ذكر الأحكام (كالبخاري ومسلم)، ولم يلتزموا ذكر الرتب عقيب كل رواية .. ؟
فأقول: إن هذا الصنيع من حيث الصحة والمنهجية لا غبار عليه، لكن والحالة كما ذكرت، مع فشو الجهل، وغياب الاعتناء بقراءة المقدمات وما حوته من تنبيهات، أصبح هذا الصنيع في حكم العدم، ولا أجد نفسي بحاجة لذكر الأمثلة على صحة ما ذكرت، إلا عند القليل ممن يعرفون الطريقة الصحيحة في قراءة الكتب، ولا يغفلون المقدمات .. ، فهذا وغيره يقضي بالتزام ذكر رتبة كل حديث في موضعه مع ضرورة ذكر اسم الإمام المعني.
كما أن الطور التاريخي للمصنفات التي ذكرتَ، وحداثة الفكرة، والعهد العلمي السائد في أكثر البقاع الإسلامية؛ كان ذلك وغيره - حينئذ - كفيلا بإشاعة واعتماد هذه الصفة الجديدة للصحيحين، وبقائها تراثا موروثا صالحا حقيقة واصطلاحا إلى زماننا هذا عند طلاب العلم فقط.
ولا تنخدع أخي القارئ بأن العوام كانوا على وعي بحقيقة صحيح البخاري فتراهم يقسمون ويحلفون بالبخاري؛ نعم: قد كان ذلك، ولكنهم كانوا في بعد عن حقيقة صحيح البخاري ككتاب وصف بالصحة .. ، بل الكثير منهم لا يدري ما حقيقة البخاري، ولكنه شيء سمعه من الآباء فشب عليه.
[تنبيه: الحلف والقسم بغير الله تعالى وصفاته لا يجوز، وهو شرك على تفصيل]
كما أذكر بضرورة ذكر تصحيح من التزم الصحة غير (البخاري ومسلم) صاحبي الصحيح، فيقال أيضا في التخريج - إن كان -:
ـ وابن حبان في صحيحه ..
ـ وابن خزيمة في صحيحه ..
والحاكم في مستدركه على الصحيحين ..
ـ وسكت عليه أبو داود، ولم يذكر له علة .. إلخ
مع تقييد وذكر ما أخذ على هؤلاء الأئمة مما جانبهم فيه
الصواب، مع التزام الأدب وحسن الحوار والتعظيم والتكريم.
ويقال مثل ذلك عند ذكر الروايات المردوة فتذكر أقوال الأئمة المعنيين وأسماؤهم واصطلاحاتهم مع شيء من الإيضاح ..
ومهما يكن: فأرجو ترك التعنت في ردود بعض القراء إن كان، وأذكره ونفسي بأن الحاجة مآسة لإشاعة هذه الأحكام مقرونة بذكر أسماء هؤلاء الأئمة من خلال المطولات والمطويات سواء، حتى نثبت دعائم منهج التلقي القويم ليستمر إلى أجيال الخلافة الراشدة الموعودة،
وهذا إن شاء الله يسير، فقد شاع الكثير من المصطلحات العلمية بين العامة عندما اهتم المخولون بالخطاب الشرعي - كتابة وخطابة - بذكر هذه الاصطلاحات وبيان معانيها، فأصبحنا نسمع كثيرا جملة (ما الدليل على ذلك .. )، وغير ذلك، وغدت مألوفة المبنى والمعنى.
والحمد لله أولا وآخرا.