ونحن نقول له: أنت قد طبعت كتابك طبعات متتابعة ووزعته على نطاق واسع بأخطائه وهفواته، ولم تتوقف عن طباعته وتوزيعه وهو على حاله، رغم أن هذه الملاحظات قد وصلت إليك عن طريق رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، فلم تعبأ بها، بل كتبت إلي كتابًا لا أزال محتفظًا به عندي تنكر فيه على ما عملته من ملاحظات وبأسلوب بذيء ولاذع، أفترى أن نقف بعد هذا التصرف منك مكتوفي الأيدى ليمر كتابك بسلام، ويغتر به من ليس على مستوى علمي جيد فيظنه سليمًا. إن هذا من الخداع والخيانة للعلم وعدم النصيحة للأمة.
الرد على إجاباته عن بعض الملاحظات:
لقد حاول أن يجيب عما لوحظ عليه، والغالب على تلك الإجابة أنها مجرد مهاترات ليس فيها إجابة واحدة صحيحة، ولكن الرجل يكثر الكلام والمراوغة كمن يفسر الماء بعد الجهد بالماء – وأنا لا أرد عليه بالمثل في تهجماته ومهاتراته، ولكن سأبين – إن شاء الله – أنه لم يخرج بإجابة واحدة صحيحة. وحبذا لو أنه اعترف بالخطأ وصححه. أو أجاب إجابة مقنعة، وإليك التعقيب على بعض إجاباته باختصار:
1 – قال: إنه لم يأخذ من الكتب الاعتزالية إلا النواحى البلاغية.
وهذه مغالطة مكشوفة، وهل أوقعه في الأخطاء الكثيرة في الصفات وغيرها إلا ما نقله عن تلك الكتب بدون تمحيص.
2 – قال: إن إنكاري عليه إثباته المجاز في القرآن يعني تعرية القرآن عن أخص خصائصه البلاغية والبيانية.
وأقول: يا سبحان الله! كيف يجيز لنفسه أن يقول: إن كلام الله غير حقيقة وإما هو مجاز {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا}، وإذا كان كلام الله ليس حقيقة فماذا يكون.
ونقول أيضا: ليس كل ما جاء في لغة العرب يجوز في كلام الله عز وجل، فاللغة يجري فيها الكذب والشتم وقول الزور والمدح الكاذب والهجاء المقذع، وهذا مما ينزه عنه كلام الله.
ثم قال أيضا: أوصيك أن تقترح على وزارة المعارف إلغاء مادة البلاغة لأنها من البدع المستحدثة في الدين.
وأقول: ما علاقة تقرير وزارة المعارف لمادة البلاغة بإثبات وجود المجاز في القرآن الكريم، وهل هذا حجة؟ لكنه لا يملك حجة غير المغالطات. ثم هل دراسة الشيء تعني الاعتراف به أو أنها للاطلاع فقط ومعرفة الحق من الباطل.
3 – أجاب عن قولي عن ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر أنها أسماء رجال صالحين. بقوله: إنهم ما عبدوا الرجال وإنما عبدوا الأصنام – ثم تناقض مع نفسه فقال: فأصل هذه أنها أسماء رجال صالحين – لأنه اضطر إلى ذلك بسبب أنه وجد ما يدل على ذلك في صحيح البخاري.
4 – أجاب عن اعتراضي عليه في نفيه التعجب عن الله، بأن الذي في الآية الكريمة هو قوله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ} وهذه ليست صيغة تعجب عنده.
وأقول: إذا لم تكن هذه صيغة تعجب فما هي صيغة التعجب في لغة الصابوني؟ ومن هو الذي قال: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ}؟ أليس هو الله سبحانه، وهل من تكلم بصيغة التعجب لا يكون متعجبًا.
5 – لم يرقه التعبير بما عبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه بقوله: (أنا سيد ولد آدم)، بل أصر على قوله: هو سيد الكائنات.
وأقول: هو له أن يقول ما شاء، أما نحن فنكتفي ونرضى بما رضيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لنفسه.
6 – لم يكفه ما جاء في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من تفسير اسمي الله سبحانه (الظاهر والباطن) بأنه الظاهر الذي ليس قبله شيء والباطن الذي ليس دونه شيء، فراح يحشد التفاسير الأخرى.
وأقول: لا قول لأحد بعد قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو جئت بمائة تفسير أو أكثر، فنحن يكفينا تفسير الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: إن ابن كثير قال: وقد اختلفت عبارات المفسرين في هذه الآية وأقوالهم على نحو من بضعة عشر قولًا.
¥