تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الغالب: عدم وجوب الزكاة في الخضروات والفاكهة، علماً أن زراعة الخضروات

والفاكهة والزهور في هذا العصر أصبحت من الأنشطة الزراعية ذات العائد

الاقتصادي الجيد، بل إنها تفوق تلك المنتجات النباتية مما يقتات به مثل الحبوب ..

كما أن المسقطين لزكاة الخضروات يحتجون زيادة على الأخذ بعلة الاقتيات بعدة

أحاديث.

وجوب زكاة كل ما يخرج من الأرض: إن واقع الأنشطة الزراعية والمتعلقة

بإنتاج الخضروات والفاكهة والزهور حيث أصبحت من الأنشطة الزراعية النباتية

المهمة يستوجب دراسة حجج المسقطين للزكاة عن هذه الأنشطة الزراعية، وتبني

وجهة نظر الإمام أبي حنيفة، الذي يوجب الزكاة في جميع ما يخرج من الأرض؛

حيث إن هذا الرأي هو الرأي المناسب الذي يتفق مع روح الشريعة ومقاصدها،

ولهذا: أرى الأخذ برأي الإمام أبي حنيفة بوجوب الزكاة على جميع ما يخرج من

الأرض، لعدة أسباب:

1 - أن أدلة المسقطين للخضروات يعتورها الضعف، فلا يجوز العدول عن

أصل وجوب زكاة الزروع والأخذ بأحاديث ضعيفة [7].

2 - أن التغير الحاصل في أساليب وطرق الزراعة فيما يتعلق بزراعة

الخضروات والفاكهة والزهور، والتقدم في أساليب التخزين .. أتاح للمنتجات

الخضرية فرصة إطالة عمر الاستفادة منها، مع التطور في وسائل النقل بعيداً عن

مراكز الإنتاج؛ مما جعل هذا النوع من النشاط أكبر فائدة للمزارعين من زراعة

الحبوب، ولهذا: نجد أن الدول الغنية تعمد إلى تشجيع زراعة الحبوب من خلال

شرائها منهم بأسعار أعلى من أسعار منتجات الخضر؛ بقصد توفير احتياجات

الناس من الحبوب، وعلى ضوء هذه الحقيقة: فإن قواعد الشريعة وأصولها

تقتضي عدم استثنائها حتى تتحقق عدالة توزيع المال وفق مقتضى القاعدة التي

حددها الله في قوله (تعالى):] كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ [[الحشر: 7].

3 - أن إنتاج الخضراوات في الماضي لم يكن يُهدف منه إلى تحقيق الثروة

والغنى، وإنما كان زراعتها بقصد الاستهلاك العائلي، بعكس ما هو حاصل في هذا

العصر، حيث أصبحت من المحاصيل الزراعية ذات المردود الاقتصادي الجيد.

تساؤل في محله: إن السؤال الذي قد يطرأ على ذهن القارئ هو: لماذا

نوسع مجال أخذ الزكاة، ولا نكتفي بما ورد فيه النص وعدم الخروج على ما ذهب

إليه جمهور السلف؟.

إن الإجابة على هذا التساؤل تندرج ضمن فهم أهداف الإسلام بوصفه ديانة

وتنظيماً لأحوال الناس، فمن المعروف أن من مقاصد الإسلام: صيانة النفس

والعرض، وأن من مستلزمات ذلك: إشباع حاجات الفرد من خلال تحقيق التكافل

الاجتماعي، ولتحقيق ذلك فقد شرعت الزكاة، ولم يترك الله (سبحانه) للناس تحديد

مَن تٍدفع إليه الزكاة، بل حدد مصارفها؛ بقصد تحقيق الغاية التي من أجلها جعل

الله الزكاة ركناً من أركان الإسلام، وإن من مقتضيات تحقيق ذلك: وجوب شمولية

الزكاة لجميع مصادر الدخول الاقتصادية، وناتج الأرض يعتبر من أهم مصادر

تحقيق الثروة، فاستثناء نوع من الإنتاج بعدم تحقق وجوب الزكاة فيه يظهر عدم

عدالة الإسلام (حاشا لله أن يكون الإسلام كذلك)، بل إن الإسلام قد شمل في أحكامه

جميع نواحي الحياة، وقد حاد الناس عن أحكامه، إما جهلاً بها، أو انحرافاً عنها،

بقصدٍ أو بغير قصد، وبخاصة في هذا العصر الذي أصبحت مقاليد الأمور فيه

بأيدي أعداء الإسلام ظاهراً أو باطناً، فأبعدت الشريعة الإسلامية في كثير من

البلدان من أن تحكم الحياة، وتولى زمام الأمر من يدعو إلى فصل الدين عن الحياة، وجعل تنظيم حياة الناس منوطاً بأهواء المضلين عن سبيل الله ومن يرغبون أن

تكون الحياة عوجاً.

إن أدلة إيجاب الزكاة على الخضراوات والفاكهة والزهور هي تلك الأدلة التي

قام عليها حكم وجوب الزكاة في الخارج من الأرض، وهي قوله (تعالى):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير