تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

] يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ [[البقرة: 267]، وقوله (تعالى):] وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [[الأنعام: 141]، وحديث ابن عمر (رضي الله عنه) عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، الذي جاء فيه: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريّاً العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر) [8]، وحديث جابر (رضي الله عنه): أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (فيما سقت الأنهار والغيم العشور، وفيما سُقي بالسانية نصف

العشر) [9].

على ضوء ذلك: فما هو النصاب والمقدار الذي تجب فيه الزكاة بالنسبة

للخضروات وغيرها من الإنتاج النباتي الذي يرى جمهور الفقهاء عدم وجوب الزكاة

فيه؟.

قبل الإجابة على هذا التساؤل لا بد من بيان مقدار النصاب والمقدار الذي

تجب فيه الزكاة بالنسبة لما أوجب فيه جمهور الفقهاء الزكاة من الناتج النباتي.

إن مقدار النصاب الذي تجب فيه الزكاة هو: بلوغ الإنتاج خمسة أوسق،

وهذا هو قول جمهور العلماء والصحابة إلا مجاهداً وأبا حنيفة ومن تابعه، فقد

أوجبوا الزكاة في قليل ذلك وكثيره، مستدلين بعموم قول الرسول: (فيما سقت

السماء والعيون العشر) باعتبار أنه ليس له حول فلا يعتبر له نصاب [10].

لكن قول الجمهور أرجح، كما دلت عليه أحاديث الرسول الصحيحة، مثل ما

رواه البخاري ومسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس فيما دون خمسة

أوسق صدقة)، وهذا خاص ويجب تقديمه على العموم وعدم اعتبار الحول؛ لأن

اكتمال نمائه يتم باستحصاده لا ببقائه، واعتبر الحول في غيره؛ لأنه مظنة الكمال

والنماء في سائر الأموال، والنصاب إنما اعتبر ليبلغ حدّاً يتحمل المواساة منه؛

فلهذا اعتبر النصاب؛ حيث إن الصدقة إنما تجب على الأغنياء، ولا يحصل الغنى

بدون تحقق النصاب كسائر الأموال الزكائية [11].

إن السؤال الذي يمكن طرحه بعد أن أخذنا برأي الأحناف في وجوب الزكاة

في كل ما تخرجه الأرض هو: كيف يتم تحديد النصاب بالنسبة لمنتجات

الخضروات والفاكهة والزهور .. وغير ذلك من المنتجات النباتية غير المكيلة

واليابسة والجافة والرطبة؟.

إن أساليب تسويق هذه المنتجات في الوقت المعاصر، وطرق التخزين والنقل

لهذه المنتجات .. يؤدي إلى تكاليف إضافية على الإنتاج، وإذا أخرجنا الزكاة عيناً

من هذه الأصناف من الإنتاج النباتي ففيه ضرر على بيت مال المسلمين، أما إذا

أخذت الزكاة بعد البيع من إجمالي البيع وبدون احتساب تكاليف الشحن والتسويق

والتخزين ففيه ضرر على المزكي.

إن الرأي الذي يمكن الأخذ به وفيه تحقيق لمصلحة بيت المال ومصلحة

المزكي: أن يتم تحديد الزكاة من خلال تحديد تكلفة الإنتاج للحصة العينية للزكاة

منسوبة إلى إجمالي التكاليف مأخوذة من صافي الربح.

ففي هذا الأسلوب تجنب للمحاذير التي أشرت إليها، فمثلاً: إذا كان هناك

مزارع ينتج طماطم، وكمية الإنتاج بلغت مئة كيلو جرام، وتكلفة الكيلو جرام

الواحد: ريال سعودي واحد، فإن الزكاة العينية على أساس أن الإنتاج فيه مؤنة

وسقي 5%، فيتم تحديد الزكاة على النحو التالي:

مقدار حصة الزكاة العينية هو: 100 × 5% = 5 كيلو جرام.

ومقدار تكلفة حصة الزكاة هو: 5 × 1 = 5 ريالات.

وإذا قدر أن صافي الربح هو 50 ريالاً، فيتم احتساب الزكاة بقسمة تكلفة

إنتاج الحصة العينية وهو خمسة ريالات على إجمالي التكاليف وهو مئة ريال

مضروباً في صافي الربح، أي: = 2. 5 ريال.

إن افتراضنا للأخذ بهذا الرأي في تحديد وعاء الزكاة للمنتجات النباتية غير

المكيلة مقاس على ما قاله الفقهاء في تحديد مقدار النصاب في الحبوب غير المصفاة، وفي الثمار بعد الجفاف، يقول ابن قدامة في هذا الخصوص (وتعتبر خمسة

الأوسق بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار، فلو كان له عشرة أوسق عنباً

لا يجيء منه خمسة أوسق زبيباً لم يجب عليه شيء؛ لأنه حال وجوب الإخراج

منه، فاعتبر النصاب بحاله، وروى الأثرم عنه: أنه يعتبر نصاب النخل والكرم

عنباً ورطباً، ويؤخذ منه مثل عشر الرطب تمراً، اختاره أبو بكر، وهذا محمول

على أنه أراد: يؤخذ عشر ما يجيء به منه من التمر إذا بلغ رطبتها خمسة أوسق؛

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير