تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا تحقيق تاريخي وليس في أيدينا من تآليف عبد العزيز الكناني كتاب نستطيع الرجوع إليه لمقابلة آرائه بعضها ببعض وما هو مستشنع في نظر السبكي وطبقته، فما لم يكن هناك كتاب للكناني يمكن الرجوع إليه لمقابلة آرائه، أو دليل تاريخي يثبت أن كتاب الحيدة ليس من كلامه، فإن شك الذهبي والسبكي في صحة اسناد كتاب الحيدة إلى عبدالعزيز الكناني يظل شكا نظرياً لا حقيقة تاريخية مبنية على أدلة واضحة.

وإذا علمنا ان ابن النديم والخطيب البغدادي، وهما متقدمان على الذهبي والسبكي، لم يشكا في اسناد كتاب الحيدة إلى عبد العزيز الكناني ازاداد ميلنا إلى تفضيل موقف الإثبات في هذه المسألة على موقف النفي فقد قال ابن النديم: " عبد العزيز بن يحيى المكي في طبقة الحارث، وهو عبد العزيز بن يحيى ابن عبد الملك (كذا) بن مسلم بن ميمون الكناني، وكان متكلماً مقدماً، وزاهداً وعابداً وله في الزهد والكلام كتب، وتوفي وله من الكتب كتاب الحيدة فيا جرى بينه وبين بشر المريسي " وقال الخطيب البغدادي: قدم عبدالعزيز بغداد " في أيام المأمون " وجرى بينه وبين بشر المريسي مناظرة في القرآن وهو صاحب كتاب الحيدة، وكان من أهل الفضل والعلم، وله مصنفات عدة، وكان ممن تفقه بالشافعي، واشتهر بصحبته " وهذا القول الذي ذكره ابن النديم والخطيب البغدادي فأسندا فيه كتاب الحيدة إلى عبد العزيز أخذ به بعدهما ابن حجر، العسقلاني في تهذيب التهذيب، وعبدالحي بن عماد الحنبلي في شذرات الذهب، فقال العسقلاني: " وجرى بينه وبين بشر المريسي مناظرة في القرآن وهو صاحب كتاب الحيدة وقال ابن عماد الحنبلي: " وناظر بشراً المريسي في مجلس المأمون بمناظرة عجيبة غريبة، فانقطع بشر وظهر عبد العزيز ومناظرته هذه مشهورة مسطورة، وعبدالعزيز هو صاحب كتاب الحيدة، وهو معدود في أصحاب الشافعي" (مقدمة محقق كتاب الحيدة د. جميل صليبا ص17).

وممن يرى صحة نسبة الكتاب إلى الكناني شيخ الإسلام حيث قال: "فصار هنا لابطال هذا القول ثلاثة مسالك، مسلك الكلابية، ومسلك الكرامية، ومسلك السلف، فهذا كان هذا القسم مما ذكره عبد العزيز بن يحيى الكناني في " الحيدة " وأبطله من غير ان يلتزم خلاف السلف وقد كتبت ألفاظه وشرحتها في غير هذا الموضع" الفتاوى (6/ 325). انتهى كلامها

وقال الشيخ أبو إسحاق الحويني:

كتاب الحيدة لعبد العزيز بن يحيى الكناني تكلم فيه الذهبي فقال: إني لأحسبه موضوعا.

وقد أطلعت على نسخة نشرت في الجامعة الإسلامية وقد وجد المحقق - وأظنه الدكتور: علي بن ناصر الفقيهي - سندا آخر لهذا الكتاب - وهي مناظرة عجيبة جدا وقوية جدا وممتازة - وقد حكم الذهبي بوضعها لأنه قد تفرد بنقلها راو متروك أو كذاب، وهو مما يفترض أن تتوافر الدواعي على نشرها لأنه من أجرأ ما يمكن أن يقرأه المرء في مثل هذه الفتنة العمياء الصماء التي لم يثبت فيها إلا القلائل، ولا سيما أن الكتاب يذكر أن الإمام الكناني قد أقام الحجة على المأمون وعلى ابن أبي داود، واقتنع المأمون بها فلم لم يرجع عن القول بخلق القرآن الكريم وهو يقول كلما سمع حجة للإمام الكناني: صدقت يا عبد العزيز.

وكذلك كثير من الناس ممن عذب لأجل هذه الفتنة حفظت أسمائهم، ومنهم لا يذكر بمصنفات أو برواية للعلم إلا لأنه جلد في هذه الفتنة مثل محمد بن نوح، الشاب الذي أعتقل مع الإمام أحمد بن حنبل ومات وهو مصفد بالحديد، فإذا نقل لنا أسمه وهو غير مشهور فمن باب أولى أن تنقل مناظرة الإمام الكناني الذي صرح بالحق في المسجد وجر إلى المأمون ومناظرته القوية لهم؛ ألا يجب أن يطير بها الرواة وتنقل بالأسانيد المتواترة، فكيف يتفرد بنقل مثل هذا الحدث راو كذاب، ومن المعلوم لدى العلماء أنه إذا حدث أمر تتوافر الهمم والدواعي على نقله ثم يتفرد بنقله راو واحد متروك فهذا يعتبر من أعظم القوادح في صحة سنده.

وقد وجد المحقق الفاضل إسنادا آخر عند ابن بطة لهذه المناظرة، لكنه لم يسق الكتاب كله، وإنما ساق بعضه، فلا نستطيع أن نحكم على بقية الكتاب بإسناد روى بعضه، وهذا يسمى عند المحدثين شهادة قاصرة. انتهى كلامه

وقال الذهبي في الميزان: 4/ 377 – 5144

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير