[كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة]
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[07 - 05 - 05, 03:03 ص]ـ
عُيُون الأخْبَار
لابن قُتَيْبَة الدِّيْنَوَرِيّ
أبو الفداء سامي التوني
شدت انتباهَ ابن قُتَيْبَة ظاهرةٌ شاعت في عصره هي "شيوع الجهل بين الكُتَّابِ وضَآلة مِعارفهم" إلى حد وقوع المُقَدَّمِيْنَ منهم في أخطاءَ وألوان من الجهل فاضحة، مما دفعه إلى وضع كتابه "أَدَب الكَاتِب"، وفي هذا يقول ابن قتيبة:
"فَلَمَّا أَنْ رَأَيْتُ هَذا الشأن (يريد الحرص على العلم) كُلَّ يومٍ إلى نُقْصَان، وخَشِيْتُ أن يذهب رسمه، ويعفو أثره، جعلت له حظاً من عنايتي وجزءاً من تأليفي، فعملت لمُغْفِلِي التأديب كتباً خفافاً في المعرفة وفي تقويم اللسان واليد…"
وقد شَرَعَ ابنُ قُتيبة في علاج هذه الظاهرة بكتابه "أَدَب الكَاتِب" الذي اشتمل على أربعة كتب: (المعرفة)، (تقويم اليد)، (تقويم اللسان)، (أبنية الأفعال والأسماء)، لكنه ما لبث أن أدرك أنَّ ذلك القدر من الجهد لم يكن كافيًا، وهنا نشأت الحاجة إلى تأليف كتابٍ آخر يكمل به ما أراد، فكان كتابه " عُيون الأخبار "؛ قال ابن قتيبة:
"وإني كنتُ تكلفتُ لمُغْفِلي التأدب من الكُتَّابِ كتاباً في "المعرفة" وفي "تقويم اللسان" و"اليد" حين تبينتُ شمولَ النقص ودروس العلم وشغل السلطان عن إقامة سُوق الأدب حتى عَفَا ودَرَسَ، بلغتُ به فيه (يريد: بلغت بالكتاب المشار إليه في تحقيق الهدف المرجو منه) هِمَّةَ النَّفْس وثَلَج الفؤاد (أي: غاية رضاه)، وقيدتُ عليه به ما أطرفني الإله ليوم الإدالة، وشرطتُ عليه (أي على المتأدب من الكتاب الراغب في التزود بالمعرفة) مع تَعَلُّمِ ذلك تَحَفُّظِ عُيون الحديث، ليدخلها في تضاعيف سطوره متمثلاً إذا كاتب، ويستعينَ بما فيها من معنى لطيف ولفظٍ خفيف حَسَن إذا حاور."
هكذا أراد ابن قتيبة لعيون الأخبار -ويعني اسمه: الروايات النادرة الهامة - أن يكون مكملاً للهدف المرجو، وقد قسم كتبه عشرة أبواب، تدور حول موضوعات لا ينقصها التكامل:
1 - (كتاب السلطان): تناول كيفية التعاون مع الحاكم والعمل له، وآداب صُحبته في جميع أحواله، والتلطف في مخاطبته وإلقاء النصيحة إليه. ويلحق بأحوال السلطان في السلم أحواله في الحرب، وهو الكتاب الثاني.
2 - (كتاب الحرب): تحدث فيه عن آداب الحرب وحيلها ومكائدها، وعُدَدِهَا وآلاتها، وأوقاتها المناسبة، والتشاور والمناصحة بين السلطان ورعيته فيها.
3 - (كتاب السُّؤْدد): وهو حافل بالكثير من الدروس، خاصة ما يمت إلى الخصال المحمودة وأضدادها كالتواضع الذي يضاده الكِبر والعُجب، وكالحلم الذي يضاده الغضب، والعز الذي يضاده الذُّلّ، وفيه حديث عن المِزاح والترخص فيه، والتوسط في الأمور عامة وفي الدِّين خاصة لأن التوسط فضيلة.
وفيه حديث عن علامات السؤدد في الحَدَث وأسبابه في الكبير، وعن الهِمَّة السامية والمخاطرة بالنفس في طلب المعالي، والتواضع والكبر والعجب والحياء والعقل والحلم … إلخ
4 - (كتاب الطبائع والأخلاق المذمومة): مداره على الصفات المنهيّ عنها: الحسد، والغيبة، والسعاية، والحُمْق، والكذب، والقِحَة، وسوء الخُلُق، وهي الصفات التي تضاد صفات السؤدد.
وفيه الإخبار عن تشابه الناس في الطبائع، وذمهم، وعن مساوئ الأخلاق من الحديث، والغيبة، والسعاية، والكذب، وسوء الخلق … إلخ، وطبائع الحيوان والنبات، وما جاء في ذلك من النوادر وأبيات الشعر.
5 – (كتاب العلم): وهو مكمل لكتاب السؤدد، وفيه الكلام عن الأهواء، والكلام في الدِّين، والرد على الملحدين، وجملة من خُطَب الخلفاء والولاة والبُلَغَاء كلها في أمور السياسة والدين والمجتمع.
وفيه الإخبار عن العلم والعلماء والمتعلمين، وعن الكتب، والحفظ، والقرآن، ووصايا المتأدبين، والبيان، والبلاغة ...
¥