تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مقالة رائعة من مقدمة تحقيق (نيل الأوطار) للشيخ المحدث طارق بن عوض الله]

ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[19 - 04 - 05, 07:11 م]ـ

الحمد لله وحده ...

قد رأيت عمل الشيخ طارق بن عوض الله - حفظه الله - على كتاب نيل الأوطار،

حقيقة لم أر ما ادعاه بعض الإخوة من نفخٍ للكتاب،

فلا الخط كبير، ولا الحواشي طويلة، ولا الهوامش عريضة، فأين النفخ، وما النفخ؟

ثم إنني استللت من مقدمته على الكتاب هذا المقطع النفيس،

الذي تضمن أيضًا حكاية بعض طريقته في التعليق على الكتب أو تحقيقها، وفيها الإجابة على شيء من التساؤلات التي أثارها بعض الأفاضل على الملتقى،

===

قال - حفظه الله -:

لا شك أن تحقيق الأحاديث، وتمييز ما صَحَّ مِنها وما لم يَصِحَّ، عَمَلٌ عظيم، وسُنةٌ ماضية، وجهاد فقي سبيل الله عز وجل، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.

وقد اختار الله عز وجل لهذا الأمر أئمة صادقين، بالحق قائلين، وبه عاملين، وإليه داعين، وللباطل مجتنبين، وعنه مُحَذِّرين؛ فجعلهم حراسًا للدِّين، ينفون عنه تحريف الجاهلين، وانتحال المبطلين، وتأويل الغالين.

فوضعوا لمن بعدهم أصولاً قويمة، ميزوا بها بين الأحاديث المستقيمة والسقيمة، وأظهروا في رواتها كل شريفة وذميمة، تدينًا وتقربًا إلى الله عز وجل، وذبًّا للكذب عن رسوله صلى الله عليه وسلم تسليمًا.

ثم تبعهم بإحسان كثيرٌ مِن أهل العلم المتأخرين وبعضُ المعاصرين، فساروا على دَربهم، وضربوا على منوالهم، واهتدوا بهديهم، فأكملوا ما ابتدأوه، وبينوا ما أهملوه، وفصَّلوا ما أجملوه، فبارك اللهُ في سعيهم، ونفع بهم وبعلمهم.

وها نحن اليوم؛ نعيش في ظل نهضة علمية، ظهر أثرها في نشر عدد كبير من كتب الحديث في جميع مجالاته، كانت منذ أمدٍ بعيد حَبيسة المكتبات العامة والخاصة.

وقد صاحب إخراج هذا الكَمِّ الهائل من كتب السُّنَّة تحقيقات وتعليقات وتخريجات لأحاديثها ورواياتها، مِن أساتذة أفاضل، وعلماء أجلاء، وباحثين مجتهدين، فازدادت هذه الكتب بأعمالهم رَوْنقًا وبهاءً، فجزاهم الله خيرًا على ما قدموا وبينوا.

غير أن هذا الخير قد شابه بعضُ الدَّخَن، وهذه القوة قد أصابها بعض الوَهَن، وهذه سنة الله الماضية (فلن تجد لسنت الله تبديلًا ولن تجد لسنت الله تحويلاً) [فاطر:43]

فقد أبي الله أن يصح إلا كتابه، والشيء إذا ما تم فهو إلى نقصان.

وقد نظرت، فإذا الأسباب التي من وراء ذلك كثيرة، فرأيت أن أذكر ضوابط كلية لترشيد العمل، والاستقامة على الطريق، تصحيحًا للمسار، ونصحًا لله، ولرسوله ?، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، فإن ذلك من الدين، كما ثبت الحديث بذلك عن النبي ?.

وبالضرورة، فإن هذه الضوابط ليست لوراق أو كتبي أو تاجر يستغل حاجة الناس للكتاب، فيدفعه لبعض الأحداث ناسخين له نسخ ماسخ، ومسودين حواشيه بما لا يرتبط إلى التحقيق بنسب، ثم يخرجه أعجميًا، لو رآه صاحبه لما عرفه، ثم يعمد إلى إخفاء هذه (الجريمة) التي يسميها (تحقيقًا) بأن يرسم على طرة الكتاب: «تحقيق وضبط ومراجعة لجنة من المختصين بإشراف الناشر»! ولو كان من بين هذه (اللجنة) متخصص واحد، لصاح به، ولبادر إلى إبراز اسمه.

ثم الأعجب أن يكون الناشر – وهو تاجر لا شأن له بالعلم ولا معرفة عنده بالتحقيق – مشرفًا على «لجنةٍ من المختصين»!! أليس هذا قلبًا للموازين، وتنكيسًا للأوضاع، واستخفافًا بعقول الناس؟! فإلى الله – لا إلى سواه المشتكى -.

وليس هي أيضًا لـ (مخرب)، يُسمي نفسه (مخرجًا)، يعمد إلى الروايات الحديثية، فيخرجها - بزعمه - فإذا به يعمد إلى الفهارس المطبوعة، فيجعل من حاشية الكتاب نسخة أخرى لها!!

وهذه الضوابط جماعها في هذه الأمور:

* التأني والتريث:

فينبغي على الباحث أن يتريث في إصدار أحكامه على الأحاديث، وأن لا يتعجل ذلك، وهذا يستلزم أحيانًا أن يمضي الأيام الكثيرة والأزمنة البعيدة من أجل معرفة ما إذا كان الحديث محفوظًا أم اعتراه شيء من الخطأ والوهم.

وهذا كان شأن كبار الحفاظ، فقد قال الإمام الخطيب البغدادي: «من الأحاديث ما تخفى علته، فلا يوقف عليها إلا بعد النظر الشديد، ومضي الزمن البعيد».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير