تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويذكر بعد كل حديث ما قيل في شأنه من طعن، وما تُكُلِّم به في إسناده من تضعيف أو تكذيب، حتى إذا انتهى من تلك النقول بعد كل حديث، أردفها بما يراه هو نفسه من طعون عليها، وتضعيفات لها، وهكذا كانت طريقته إزاء كل حديث حتى خلص منها.

5 – وفي النصف الأخير من الصحفة الحادية والثلاثين حتى نهاية الكتاب، يعقد المؤلف فصلاً يخصه بذكر ما ورد من الأحاديث في النهي عن اتخاذ رجب عيداً، أو الاعتقاد بأنه معظم كما كان في الجاهلية، أو أنه أفضل من غيره من الشهور، ويذكر أنه لا يجوز شيء من الأعمال العبادية فيه، حيث كانت تابعة لهذا المقصد.

أما حيث لا يوجد شيء من ذلك فيرى أنه لا بأس به، ما لم يخش بأن يظن أن ذلك واجب أو سنة فيكره، ولذا نراه يقول: أما إن صامه (أي رجب) لقصد الصوم في الجملة من غير أن يجعله حتماً، أو يخص منه أياماً معينة يواظب على صومها، أو ليالي معينة يواظب على قيامها، بحيث يظن أنها سنة فهذا من فعله مع السلامة مما استثنى، فلا بأس به، فإن خص ذلك أو جعله حتماً، فهذا محظور، وهو في المنع بمعنى قوله r: " لا تخصوا يوم الجمعة بصيام، ولا ليلتها بقيام" رواه مسلم.

ويقول في ثاني الاحتمالين اللذين وردا على الحديث الذي رواه ابن ماجه في السنن عن ابن عباس أن رسول الله r نهى عن صوم رجب كله: ( ... ثم إن صح فهو محمول على التنزيه، والمعنى فيه ما ذكره الشافعي في القديم، قال: وأكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله من بين الشهور كما يكمل رمضان، قال: وكذلك أكره أن يتخذ الرجل يوماً من الأيام، وإنما كرهت هذا لئلا يتأسى جاهل، فيظن أن ذلك واجب).

وينقل في هذا الموضوع عن أبي بكر الطرطوشي في كتابه البدع والحوادث قوله: يكره صوم رجب على ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه إذا خصه المسلمون بالصوم في كل عام حسب العوام.

إما أنه فرض كشهر رمضان، وإما سنة ثابتة كالسنن الثابتة، وإما لأن الصوم فيه مخصوص بفضل ثواب على صيام باقي الشهور، ولو كان من هذا شيء لبيّنه r.

قيمته العلمية:

ومن خلال ما عرضناه من مباحث يتبين لنا أن هذا الكتاب الصغير في حجمه، القليل في مادته الكلامية كبير في معناه، غني في مباحثه، ومن هنا كانت له القيمة الكبيرة في ميدان البحوث العلمية.

ويمكننا إبراز هذه القيمة من النواحي الآتية:

الأولى:

أن الذي قام بتأليفه هو من هو جلالة وعلماً، وبصراً، ونقداً، وحياداً، ونزاهة، وتديناً، وورعاً. وكفيل بمن كانت هذه أوصاف صاحبه أن يكون له القيمة العلمية الكبرى، وأن يتلقفه الناس في شغف، ليطلعوا عليه، ويعملوا بما فيه.

الثانية:

المنهج العلمي الذي اتبع في تأليفه، فمؤلفه – رحمه الله – قد أفرغ فيه أحسن مزايا البحث العلمي الرصين، حيث جمع كل ما وصل إلى علمه من أحاديث هذا الموضوع، ثم أوردها بكل أمانة ودقة، متتبعاً جميع طرقها التي وصلت معها، وهذه مزية تعطي الكتاب قيمة كبرى عند الباحثين، حيث تطمئن باستيعاب البحث وصحة مادته العلمية.

الثالثة:

موضوعيته، فقد التزم المؤلف – رحمه الله – في كتابه البحث في موضوع واحد، وهو ما عَنْوَن به الكتاب، ولم يتعده ولو مرة واحدة في بحثه، وذلك وصف عظيم يعطي الكتاب قمية كبرى في دنيا البحوث العلمية.

الرابعة:

الجهد العلمي المبذول فيه من حيث النقد، فقد أولاه المؤلف – رحمه الله – من وقته وإخلاصه وجهده قدراً كبيراً، تمثل لنا في تلك النقول الكثيرة المتنوعة عن علماء كثر في نقد هذه الأحاديث تضعيفاً أو وضعاً.

كما تمثل لنا في تلك الآراء السديدة التي يراها في تلك الأحاديث، يؤيدها بما أنعم الله عليه من علم غزير، وفهم دقيق.

الخامسة:

الحاجة الماسة لموضوع الكتاب، ومعرفة ما فيه من أبحاث، والوقوف على ما يُنتهى إليه فيها من نتائج، ذلك أن الناس وخاصة في زماننا هذا قد كثرت فيهم البدع، وانتشرت بينهم أمور ليست من الإسلام في شيء، ومن أبرزها الاعتقاد بأن رجب يشتمل على ما كان مدوناً في تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي ردها المؤلف في هذا الكتاب، ففي الإطلاع على ما ورد في هذا الكتاب كبح لجماح هذه البدع، وهداية للناس إلى الطريق الأقوم، وهذا كله يعطي الكتاب قيمة علمية كبرى.

بل إنني أذهب إلى أبعد من ذلك، فأرى أن هذا المعنى منه يوجب علينا أن نقوم بإعادة طباعة هذا الكتاب، والإكثار من إخراج نسخ له، وتعميمها في العالم الإسلامي، وتسهيل وصولها إلى يد كل مسلم حتى يكون على بصيرة من أمره، عارفاً بأن ما يعمله بعض الجهلة في رجب إنما هو مبتدع مرذول.

وبهذا نكون مؤدين لبعض ما يجب علينا إتجاه إخواننا المسلمين، من حق النصح وأمانة التبليغ.


[1] طبع طبعة أخرى في الرياض في عام 1400هـ على نفقة سمو الأمير بندر بن عبدالعزيز بالمطابع الأهلية للأوفست، الرياض ويقع في ثمان وثلاثين صفحة من القطع الصغير وراجعها الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين عضو الإفتاء بالمملكة العربية السعودية.

[2] ص:4.

[3] ص: 4 – 5.

[4] ص:5.

المصدر ( http://www.islamiyatonline.com/Arabic/Maqalat/display.asp?articleid=225)
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير