ثم هيئت له بعد ذلك طبع "سلسلة الأحاديث الصحيحة" بعد قيام شبه ثورة عليه، وكان عملي بالتعاون مع تلميذه الأول أستاذنا عبدالرحمن الباني، والأستاذ أحمد مظهر العظمة، وقد اشترطنا عليه أمران:
الأول: عدم التعرض للصحيحين البخاري ومسلم.
والثاني: عدم نشر شيء من الفقه ليس له ما يؤكده في أحد المذاهب الأربعة المعترف بها.
وفي سنة 1376هـ-1957م كان الشيخ الألباني يعمل في إصلاح الساعات في دكانه المعروف بالعمارة. ولما اتسع عملي في المكتب الإسلامي، فذهبت إليه مع أستاذنا الباني وطلبت إليه العمل معنا، فوافق على العمل في كل يوم أربع ساعات، بأجر متفق عليه.
فقلت له هذا لثلاثة أسابيع من كل شهر، والأسبوع الرابع تذهب به إلى حلب والبلاد الشمالية فتنسخ لنا من مكتبة حلب بعض الكتب حتى نتولى طبعها، وتزور إخواننا هناك من السلفيين، وتأخذ أجور الأربعة أسابيع، فوافق.
كما هيئت له السفر إلى مصر، والسعودية، وأوروبة مرات متعددة.
ولكن بعد مدة اتسع عمله في المكتب حتى شغل كل وقته، وهيئت له عدداً كبيراً من الأساتذة للعمل معه، وبعضهم لخدمته، والنسخ لكتبه القديمة أيضاً؟.
وجرت ظروف دعته للسفر إلى عمان في الأردن سنة 1390هـ-1970م، وبقي يعمل مع المكتب حتى سنة 1409هـ-1988م.
وعندها جرى انقطاعٌ، ولله في خلقه شؤون.
4 - وأما السؤال عن النزاع بيننا فإنه لا فائدة من الكلام به.
5 - أما دور النشر التي كان لها دور بارز في نشر المخطوطات بسورية فهي قطعاً "المكتب الإسلامي".
ولكن كانت المكتبة العربية لصاحبها الفاضل العالم أحمد عبيد، فقد نشر عدداً قليلاً من الكتب النافعة المحققة.
6 - أما حقيقة تتلمذ الشيخ شعيب على كتب الشيخ الألباني؟
إن هذا السؤال من حقه -إن كان لك به نفعٌ وضرورة- أن يوجه إلى الشيخ شعيب الأرناؤوط حفظه الله، وعنوانه معروف عندكم، ومسجل على كل كتبه في عمَّان.
7 - أما اهتمامي بطبع كتب الحنابلة ...
فإنني حنبلي عقيدةً، وكذلك فقهاً، لأن الإمام أحمد عليه رحمة الله كان سلفياً، ولم يؤلف كتباً في الفقة، وإنما أكتفي بالإجابة على المسائل. فلذلك كنت على منهجه، وطبعت عدداً كبيراً من مسائله.
ثم عملت في قطر بالمعارف، وأدخلت مذهب الإمام أحمد في مناهج الدراسة (وأهل قطر أكثرهم على مذهبه).
ثم كان سمو الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني حنبلي، وشيخه الشيخ محمد بن مانع حنبلي، يردد:
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
وكذلك قاضي قطر شيخي وأخي الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود وهو مجتهد وحنبلي، فكنت أطبع الكتب الحنبلية للتوزيع مجاناً من الشيخ علي رحمه الله أو غيره مثل: الشيخ قاسم بن درويش فخرو، وأبيع بعضها بموجب اتفاقات.
وأما التخريج فإن أستاذي الشيخ محمد ناصر لدين الألباني -رحمه الله- كان يعمل عندي لمدة أربعين سنة تقريباً، وأحياناً لا يكون عندي كتب يعمل في تخريجها، فأكلفه العمل في كتب الحنابلة أو غيرها، ومن ذلك عمله في أكبر كتاب له بالتخريج، وهو "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل".
وقد عمل به 8 سنوات، وهذا ظاهر في أول الكتاب وآخره، وفي مراسلات له معي، وفي التحكيم الذي أجراه بيننا الأخوة الأكارم الشيخ عبدالرحمن الباني، والدكتور محمد الصباغ، والمستشار محمد سليم العوا، وهم من خبراء أمور الطباعة، ورجالات الدعوة السلفية، حفظهم الله.
7 - نعم مازلت وقد تجاوزت الثمانين أتمتع بفضل الله بالقوة والقدرة على مزاولة الكثير من الأعمال، وفي الدعوة إلى الله على منهج السلف الصالح، وفي المؤتمرات والهيئات الإسلامية وغير ذلك.
ولكن الإشراف المباشر على المكتب الإسلامي فليس بإمكاني الإتساع به لأعمال المكتب أولاً، وأنها تحتاج لملاحظات دائمة.
8 - كان أصل عملي مع الشيخ ناصر الاهتمام بتقسيم السنة إلى صحيح وضعيف، وهذا معروف بكل ما أصدرت من مطبوعات باسم الشيخ ناصر، وغيره من المؤلفات.
غير أن الدكتور الفاضل محمد الأحمد الرشيد مدير مكتب التربية العربي لدول الخليج، فقد حرّضه على هذا العمل الأخوة الشيخ عبدالرحمن الباني، والدكتور محمد بن لطفي الصباغ، والمستشار محمد سليم العوا. وما سبق وسمعه مني، ونشرته في بعض الصحف عن الشيخ ناصر، وما قاله أستاذنا الشيخ علي الطنطاوي والشيخ محمد نصيف وغيرهما عن عمل الشيخ الألباني في المكتب الإسلامي.
فذهبوا إلى الألباني في عمان، واتفقوا معه على القيام بذلك للسنن الأربعة: أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وقام الشيخ الألباني بذلك، غير أن العمل كاد يضيع عليهم لأسباب لا أحب أن أدخل فيها بذكر -الآن-، ولكن جاء بعضه في مقدمة ضعيف سنن ابن ماجه، ويمكن سؤال معالي الدكتور محمد الأحمد الرشيد مدير عام مكتب التربية العربي لدول الخليج عن ذلك، والمدير الذي جاء بعده سعادة الدكتور علي بن محمد التويجري، والأخ الدكتور كمال الهلباوي الداعية المشهور، وغيرهم من موظفي مكتب التربية العربي لدول الخليج، أو الأخوة الأكارم الشيخ عبدالرحمن الباني، والدكتور محمد بن لطفي الصباغ، والمستشار القانوني الدكتور محمد سليم العوا، فإن عندهم الخبر اليقين.
وهم الذين أجروا التحكيم الملزم للمتخاصمين، وأَخَذَ الحكم الدرجة القطعية، ونصح العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز بالإلتزام به!
ولما جرى بعد ذلك من أخذ كتبي، أو الكلام عنها في بعض المقدمات والتعليقات للشيخ ناصر -غفر الله له-، سواءً صحَّ صدورها منه، أو أدخل عليه؟! -ممن لا خلاق لهم- فإنه من الكذب والافتراء.
فإنني أترك أمره إلى الله سبحانه، الذي لا يضيع عنده شيء. مع أن عندي من وثائق الرد على كل أمر الكثير الكثير بخطوط أصحابها!!
ومرفق طيه مقالاً نشرته عند وفاة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله بعنوان:
"نقاط يسيرة من سيرة عطرة للشيخ الألباني مع الحديث النبوي الشريف"
¥