·قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين، يقول: ما الدنيا إلا كحلم، والله ما ضر رجلاً اتقى الله على ما أصبح وأمسى، لقد حججت وأنا ابن أربع وعشرين سنة، خرجت راجلاً من بغداد إلى مكة، هذا من خمسين سنة كأنما كان أمس.
·وكنت أسمع أحمد بن حنبل كثيراً يقول: اللهم سلم سلم.
·وقال عبد الله بن احمد: سمعت أبي يقول: وددت أني نجوت نم هذا الأمر كفافاً لا علي ولا لي.
·يقول أحمد بن حنبل: والله لقد أعطيت المجهود من نفس، ولوددت أني أنجو كفافً.
·سمعت أحمد بن حنبل، يقول: ما شَبهتُ الشبابَ إلا بشيء كان في كُمي فسقط.
·وعن موسى بن معاوية قال: صلى بنا هارون الخليفة الصبح في المسجد الحرام، فقرأ بالرحمن والواقعة، فتمنيت أنْ لا يسكت من حسن قراءته، فقمت إلى الفضيل، فسمعته يقول: مسكين هارون، قرأ الرحمن والواقعة ولا يدري ما فيها.
·قال الجنيد: وسمعت السري السقطي يقول: إني لأنظر على أنفي كل يوم مخافة أن يكون وجهي قد اسود، وما أحب أن أموت حيث أعرَف، أخاف أن لا تقبلني الأرض، فأُفتضح.
·سمعت محمد بن يحيى يقول: تقدم إلى عالِم، فقال: علمني وأوجز، قال: لأوجزن لك، أما لآخرتك: فإن الله أوحي إلى نبي من أنبيائه: قل لقومك: لو كانت المعصية في بيت من بيوت الجنة لأوصلت إليه الخراب، وأما لدنياك: فإن الشاعر يقول:
ما الناسُ إلا مع الدنيا وصاحبِها ... وكيف ما انقلبت يوماً به انقلبوا
يُعَظْمون أخا الدنيا فإنْ وَثَبَت ... يوماً عليه بما لا يشتهي وثبوا
·قال محمود بن والان: سمعت عبد الرحمن بن بشير، سمعت ابن عُيينة يقول: غضب الله داء لا دواء له.
·قال الذهبي: دواء كثرة الاستغفار بالسحر والتوبة النصوح.
·قال الذهبي: قد كان يعقوب بن شيبة صاحب أموال عظيمة وحشمة وحرمة وافرة، بحيث إن حفيده حكى، قال: لما ولدت عمد أبواي، فملأ لي ثلاثة خوابي ذهباً، وخبأها لي، فذكر أنه طال عمره، وأنفقها وفنيت، واحتاج.
·محمد بن خالد بن يزيد بمكة، سمعت عطية بن بقية يقول:
يا عطيةً بن بقية ... كأن قد أتتك المنيهْ
بكرة أو عشيةْ
فتفكر وتذكر ... وتجنب الخطيةْ
وذكر الله بتقوى ... واتبع القول بنية
وأبى شيخُ البرية ... فاكتبوا عني بنية
في قراطيس نقية
·قال يحيى بن معاذ الرازي: الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة، وهو يسألك عن جناح بعوضة.
·وعنه قال: لست أبكي على نفسي إن ماتت، إنما أبكي على حاجتي إن فاتت.
·وعن وصيف الخادم، قال: سمعت المعتضد يقول عند موته:
تَمَتَع من الدنيا فإنك لا تبقى ... وخُذ صَفْوَها ما إنْ صفت ودَعِ الرنْقا
ولا تأمَنَن الدهرَ إني أمِنْتُه ... فلم يُبق لي حالاً ولم يَرْع لي حقا
قتلتُ صناديدَ الرجال فلم أَدَع ... عدواً، ولم أُمْهل على ظِنةٍ خلقا
وأخليتُ دورَ الملك من كلْ بازلٍ ... وشتتهم غرباً ومزقتهم شرقا
فلما بلغتُ النجم عِزا ورفعة ... ودانت رقابُ الخلْق أجمع لي رِقا
رماني الردى سهماً فأخمد جَمْرتي ... فها أنا ذا في حُفْرتي عاجلاً مُلْقى
فأفسدتُ دنياي وديني سَفَاهةً ... فنم ذا الذي منى بمصرعه أشقى
فيا ليتَ شعري بعد موتي ما أرى ... إلى رحمةِ الله أم نارَه ألقى؟
·ولعبد الله بن المعتز يرثيه:
يا ساكنَ القبر في غبراءَ مُظلمةٍ ... بالظاهريةِ مُقْصى الدار منْفرداً
أينَ الجيوش التي قد كنتَ تَسْحَبُها؟ ... أين الكنوزُ التي أحصيْتَها عددا؟
أين السريرُ الذي قد كنت تملؤُه ... مهابةً مَنْ رأته عينُه ارتعدا؟
أين الأعادي الأولى ذَللت مَصْعَبَهم؟ ... أين الليوثُ التي صيرتَها بُعَداً؟
أين الجيادُ التي حجلْتَها بدم؟ ... وكُن يحمِلْن منك الضبغَم الأسَدا
أين الرمالُ التي غذيتَها مُهَجا؟ ... مُذْ مِت ما وَرَدَت قَلْبها ولا كَبِدا
أين الجِنانُ التي تجري جداوِلُها ... وتستجيبُ إليها الطائرَ الغَردا؟
أين الوصائفُ كالغِزلان رائحة ... يَسْحَبن من حُلًلٍ مَوْشِيةِ جُداً
أين الملاهي؟ وأين الراحُ تسَبُها ... ياقوتةً كُسِيَتْ من فِضةٍ زَرَدَا؟
أين الوُثُوب إلى الأعداد مُبْتغياً ... صلاحَ مُلكِ بني العباس إذْ فَسَدا؟
ما زِلت تَقْسِْر منهم كل قَسْوَرةٍ ... وتَخُبِطُ العالي الجبارَ مُعْتَمدا
¥