العلم في الحرج في أي المفسدتين أدنى حتى يرتكبها هل يرتكب مفسدة الجواب أو مخالفة إبرار المقسم ونحو ذلك.
المسائل التي يُسأل عنها تنقسم إلى:
§ مسائل في التوحيد والعقيدة.
§ ومسائل فقهية.
§ ومسائل اجتماعية.
المسائل التي في العقيدة: تارة تكون غايتها بالبحث والفائدة، وتارة تكون لها مِساس بموقف سيكون في الواقع:
تارة يكون البحث في مسائل التوحيد والعقيدة لغرض إفادة السائل؛ السائل يبحث عما يريد أن يستفيده، مثلا مسألة في التوحيد، معنى الشهادتين، واستفصال حول باب من أبواب كتاب التوحيد، أو مسألة من مسائل الصفات أو الإيمان بالقدر أو ما أشبه ذلك.
وهناك أسئلة يسأل لكي ينبني على هذا السؤال شيئا من التصرفات في نفسه أو في من معه سواء في داخل هذه البلاد أو في خارجها، فهنا ينبغي للسائل بل يجب عليه أن يبين للعالم الذي يسأله غرضه من السؤال وألا يدلس عليه؛ فيقول هذا السؤال لشخصي أو يقول هذا السؤال أريد أن أرسله إلى بلد كذا وكذا لكي ينتفع منه بعض من سألنا من هناك، مثلا أسئلة جاءت من الجزائر يختلف الجواب، أسئلة جاءت من مصر يختلف الجواب، إذا كان السؤال تبعثه من نفسك بنفسك يختلف جوابه عما إذا كان سينبني عليه عمل أمة، ينبني عليه عمل في المجتمع، يترتب عليه مصلحة أو مفسدة إلى آخره؛ لأنّ الحكم الشرعي الفرق بين العالم وطالب العلم والدّارس، الفرق بين المفتي والباحث أنّ المفتي يبني فتواه على أشياء كثيرة؛ يرعى النصوص ويرعى كلام أهل العلم ويرعى القواعد الشرعية ويرعى ما أمر الله جلّ وعلا به من الأصول وما نهى الله جلّ وعلا عنه، فيرعى أشياء كثيرة غير المسألة الموجودة في الكتاب، فقد يجد السائل المسألة موجودة في الكتاب موجودة في كتاب من الكتب ويذهب يطبقها على الواقع لا ليس الأمر كذلك، ولو كان الأمر لما احتاج أهل العقول أن يطلبوا العلم على أهل العلم وإنما يقرؤون ويُكتفى بقراءتهم، ولهذا قال بعض من تقدّم: لا تأخذ العلمَ عن صَحَفِي ولا القرآن عن مُصْحفي. (لا تأخذ العلمَ عن صَحَفِي) يعني عمن يقرأ في الصحف، والنسبة إلى الصحف صَحَفي وليس صُحُفي؛ لأنّ النسبة تكون إلى الصَّحيفة على وزن فعيلة وليست النسبة إلى الجمع؛ لأنّ القاعدة اللغوية أن النسبة تكون إلى المفرد لا إلى الجمع، فقال: لا تأخذ العلمَ عن صَحَفِي ولا القرآن عن مُصْحفي. يعني بَسْ الذي قرأ القرآن من مصحف وحفظ من المصحف لا تأخذ عنه القرآن، لابدّ أن يكون قد قرأ القرآن على شيخ أخذه عنه؛ لأنه هناك أشياء لا يدركها بقراءته في المصحف، كذلك العلم هناك أشياء لا يدركها بقراءته للكتب، ولهذا عاب بعض أهل العلم بعض الفحول في مسائل لأنهم اقتصروا على ما قرؤوا:
أخطأ ابن حزم في مسائل في الحج ما السبب؟ أنه قرأها وما حجّ ورأى المشاعر ورأى ما فيه الناس.
شيخ الإسلام ابن تيمية كتب منسكا من المناسك على ما هو موجود عنده في الكتب، ثم لما حجّ غيّر رأيه في مسائل كثيرة.
كذلك ابن القطان مثلا -أحد علماء الحديث المعروفين- لكنه لم يأخذ علم الحديث عن رواية وعن أهل العلم وإنما كان -ذكر ذلك الذهبي- كان أكثر أخذه لذلك عن طريق القراءة ووقع في أشياء كثيرة لا يقع فيها أمثاله من أهل العلم.
إذن هناك فرق بين أن يكون السؤال لحاله تخصك أنت، أو أن يكون السؤال لحالة عامة في مسائل العقيدة والتوحيد.
وكذلك في مسائل الفقه: إذا كان السؤال شخصي هذا له حال، وإذا كان السؤال ستنشره وسيبني عليه عمل أناس كثير هذا ينبغي أن توضحه للعالم حتى يتحرى في جوابه الأنفع للأمة، ولهذا بعض أهل العلم يفتي بفتاوى خاصة لفلان من الناس ويأتي هذا ويقول أفتاني الشيخ بكذا وكذا، فيذهب على أن الشيخ هذه فتواه وإذا سئل العالم يقول لا هذه فتوى ما أفتيت بها يعني للعامة وإنما أفتى بها لمسألة خاصة.
الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله -إمام هذه الدعوة عجّل الله له المثوبة ورفع درجته في الجنة- أفتى في بعض المسائل في مسألة معروفة في الطلاق مرة واحدة فقط مدونة موجودة، مرة واحدة وفي بقيتها يفتي على غير هذه الفتوى، في تلك المرة هل نأخذها ونجعلها قاعدة؟ لا؛ لأنه رأى من حال السائل وحال السؤال ما يجعله يفتي بتلك الفتوى.
¥