تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عن أبي مسلم الخولاني، أن معاوية بن أبي سفيان خطب النَّاس، وقد حبس العطاء شهرين أو ثلاثة، فقال له أبو مسلم: يا معاوية إن هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ولا مال أمك، فأشار معاوية إلى النَّاس أن امكثوا، ونزل فاغتسل ثم رجع، فقال: أيها النَّاس إن أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا بمال أبي ولا أمي وصدق أبو مسلم، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الغضب من الشَّيطان، والشَّيطان من النار، والماء يطفىء النار، فإذا غضب أحدكم فليغتسل، أغدوا على عطاياكم على بركة الله - عز وجل -.

صلة ابن أشيم:

كان من العبّاد، والمجاهدين المحتسبين، زوج العالمة العابدة، معاذة العدوية.

قالت معاذة العدوية: ما كان صلة يجيء من مسجد بيته إلى فراشه إلا حبوًا، يقوم حتى يَفْتر في الصَّلاة.

وعن حماد بن زيد العبدي، أن أباه أخبره، قَالَ: خَرَجْنا في غزوةِ إلى كابل، وفي الجيش صلة بن الأشيم، قَالَ: فترك النَّاس عند العتمة ثم اضطجع، فالتمس غفلة النَّاس، حتى إذا قلت هدأت العيون، وثب فدخل غِيضة قريبًا منه، ودخلت في إثره، فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح، قَالَ: وجاء أسدٌ حتى دنا منه، فصعدت في شجرة، قَالَ: أفتراه التفت إليه أو عذبه حتى سجد، فقلت: الآن يفترسه، فلا شيء! فجلس ثم سَلَّم، فقال: أيها السَّبع، اطلب الرزق من مكان آخر؛ فَولَّى وإن له زئير، أقول: تصدع الجبال منه، فما زال كذلك يصلي حتى إذا كان عند الصبح، جلس فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله، ثم قَالَ: اللهم إني أسألك أن تجرني من النار، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة، ثم رجع فأصبح، كأنه بات على الحشايا، وأصبحت وبي من الفترة شيء الله به عليم.

وقد ضرب أعظم المثل في الصبر، والاحتساب - رحمه الله -.

عن ثابت البناني قَالَ: إِنَّ صِلَة بن أشيم كان في مغزى له ومعه ابن له، فقال: أي بني تقدم فقاتل حتى أحتسبك، فحمل فقاتل حتى قتل، فاجتمعت النِّساء عند امرأته معاذة العدوية، فقالت: مرحبًا إن كنتن جئتن لتهنئنني! فمرحبًا بكن، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن.

الربيع بن خُثَيْم:

المخبت الورع، المعترف بذنبه، المفتقر لربه، أحد العبّاد الزهاد.

وكان الربيع بن خُثَيْم: إذا دخل على عبد الله بن مسعود، لم يكن عليه إذن لأحد حتى يفرغ كل واحد من صاحبه، فقال له عبد الله: يا أبا يزيد لو رآك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين.

وكان - رحمه الله - عظيم الصبر، سريع الاحتساب.

خرج الربيع بن خُثَيْم يوما فلما انتهى إلى مسجد قومه، قالوا له: يا ربيع لو قعدت فحدثتنا اليوم، قَالَ: فَقَعَد، فجاء حجر فشجه، فقال: فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف.

وكان الرَّبيع إذا قيل له: كيف أصبحت يا أبا يزيد؟ يقول: أصبحنا ضُعفاء مذنبين، نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا.

وكان - رحمه الله - عظيم التأثر، سريع الاعتبار.

قَالَ إبراهيم التيمي: حدثني من صحب ربيع بن خُثَيْم عشرين سنة، أنه ما تكلم بكلام منذ عشرين سنة، إلا بكلمة تصعد، وما سمع منه كلمة عتاب.

وكان الرَّبيع بعدما سَقَطَ شِقه؛ يهادي بين رجلين إلى مسجد قومه، وكان أصحاب عبد الله يقولون: يا أبا يزيد، لقد رخص الله لك، لو صليت في بيتك؟! فيقول: إنه كما تقولون، ولكني سمعته ينادي حي على الفلاح، فمن سمع منكم ينادي حي على الفلاح؛ فليجبه، ولو زحفًا، ولو حبوا.

وكانت أم الربيع بن خُثَيْم تنادي ابنها الربيع، فتقول: يا بني! يا ربيع! ألا تنام؟! فيقول: يا أمّاه من جن عليه الليل وهو يخاف البيات؛ حق له أن لا ينام، فلمّا بلغ ورأت ما يلقى من البكاء، والسَّهر نادته، فقالت: يا بني لعلك قتلت قتيلًا؟ فقال: نعم يا والدة، قد قتلت قتيلًا، قالت: ومن هذا القتيل يا بني حتى يُتحمل على أهله فيعفون؟ والله لو يعلمون ما تلقى من البكاء، والسَّهر بعد؛ لقد رحموك، فيقول: يا والده! هي نفسي.

وقالت ابنة الربيع للربيع: يا أبت لم لا تنام والناس ينامون؟ فقال: إن البيات في النار؛ لا يدع أباك أن ينام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير