تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واستمع إلى موسى عليه السلام وهو يقول"آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرناهذا نصبا"فجاع في سبيل العلم .. وعند هذا الموطن خاصة أي لما بلغ به النصب في طلببغيته العلمية حد الجوع .. اهتدى إلى الأمارة التي أوصلته للخضر .. فتأمل! .. وكما عندمسلم عن يحيى بن أبي كثير مقطوعا: لا يستطاع العلم براحة البدنوليس معنى هذا أنيحرم الإنسان نفسه الطعام"قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات منالرزق" .. ولكن يتقلل من المتاع .. ولا يملأ بطنه .. ولايسد شهوته بكل ما اشتهى .. بل يعيشكفافا ما أمكن ..

ولما رأى الإمام الشافعي .. الإمام محمد بن الحسن الشيباني (أحدكبار تلامذة أبي حنيفة) .. قال له: ما رأيت سمينا عقل قط غيرك .. وصدق من قال: البطنةتذهب الفطنة

رابعا-التواضع .. وهو من أعظم الشروط وأبرز معالم طالب العلمالحقيقي الذي طلب العلم ابتغاء مرضاة الله .. ونفع الأمة,,وإعزازها ..

فتأمل كيفقال موسى عليه السلام وهو كليم الله تعالى وذو المقام الرفيع ومن أولي العزم"هلأتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا"

1 - فأتاه بصيغة السؤال .. لا بصيغة الجزم .. وفيهذا من التواضع والأدب ما لايخفى .. فلم يقل له: أريد أن تعلمني .. ولكن تلطف تواضعافقال: هل .. وعلاقة الأدب بالتواضع .. من علاقة الصفة بلازمها .. وهي كعلاقة الرجولةبالشجاعة .. أو الشهامة بالكرم

2 - ثم قال "أتبعك" .. فهو تابع .. ومن يأنف اتباع أهلالعلم الراسخين .. فاته المقصود .. حتى لو كانوا أصغر منه سنا .. وقديما قالالسلف: اثنان لا يتعلمان المستحي والمتكبر

3 - وأيضا قوله"تعلمن" .. ولم يقلتذاكرني .. أو تدارسني .. أو تبادلني النقاش العلمي ... كأنه ند له وصاحب .. (مع كونه أفضلمنه قطعا!) .. ولكن نسب العلم إليه

4 - ثم قال"من ما علمت رشدا" .. أي أريدبعض ما عندك فحسب .. لا كل ما لديك من علمولاشك أن من تكبر من العلماء ففيه شبهمن إبليس .. الذي غره علمه .. فاستحق اللعنةوفيه شبه باليهود .. الذين استحقوا غضبالله ولعنتهفتدبر كيف اختزلت جملته القصيرة .. كل إشارات التواضع لله والذلة علىأخيه .. كما قال تعالى في صفة الأبدال"أذلة على المؤمنين " .. فما ظنك بطلبة العلممنهم .. كيف ينبغي أن يكون؟

خامسا- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وهي من زكاة العلمالواجبةوالنصاب فيها مبلغ كل واحد من العلم .. فيما يعرف وينكر .. بشرط إعمالالحكمةوقد اشتملت القصة على إنكار موسى على الخضر في ثلاثة مواقف ..

فكان أولما أنكر عليه"أخرقتها لتغرق أهلها"؟ ولم يحتمل أن يرى ما يظنه منكرا دون السكوتعليه .. حتى مع من له فضل عليهوفي هذا أدب الشفافية والصدق والعدل .. وعدم التعصبللمشايخ .. بنفي أي خطأ عنهم .. وإنزالهم منزلة المعصومين بلسان الحالبل نصحهموتبيين خطئهم بأدب الإسلام ..

والعالم الذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عنالمنكر .. عالم سوء .. بحسب انتفاء ذلك عنهوقد وصف الله خسة كثير من علماء بنيإسرائيل واستحقاقهم اللعنة على لسان داود وعيسى بن مريم أنهم "كانوا لا يتناهون عنمنكر فعلوه"

سادسا-التضحية .. فتهون على الإنسان نفسه في سبيل طلبالعلم ..

وذلك جلي في فعل موسى حيث ركب السفينة وهي مخروقة .. وخاطربحياته .. وأرخصها في سبيل العلم الشرعي المفضي إلى مرضاة الله عز وجلوقد ارتحلجابربن عبد الله رضي الله عنه من البصرة للمدينة .. في طلب حديث واحد!

وعبدالله بن أنيس .. رضي الله عنه كذلكمن المدينة إلى الشام .. في طلب حديثواحدويدل عليه أيضا مجاهدة موسى في الوصول للخضر وفرحه بظهور الآية فقال "ذلكما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا" .. وقطعه المفاوز الطوال دونما يأس

سابعا-معصية الشيطان .. الذي يوحي بالأهواءفإن تسلطه على المرءسبب للنسيان وانعدام البركة في العلمولذك عزا فتى موسى النسيان إليه .. فقال"وماأنسانيه إلا الشيطان أن أذكره"

ومن أعظم ما يعين على طرده وكبح وساوسه ذكر اللهتعالىففي مسند أحمد بسند صحيح"أنا مع عبدي ما تحركت بي شفتاه"

ومن أشهر ماقيل في ذلك .. قول الإمام الشافعي:-

شكوت إلى وكيع سوء حفظي .. فأرشدني إلى تركالمعاصيوأخبرني بأن العلم نور .. ونور الله لا يؤتى لعاصووكيع بنالجراح .. من أكابر أهل العلم .. وفي طبقة شيوخ الشافعي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير