تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وترتكز قصيدة النثر في بناءها الفني على مبدأ اللا وزن واللا قافية.

فهي قريبة من الكلام المنثور، إلا أنها تكون على شكل مقاطع أشبه بالأبيات.

ويقول أحمد شبلول (وعلى الرغم من أنني من المرحبين بما يسمى بقصيدة النثر إلا أنني أعتقد أن أصحابه قد اخطأوا في حق تسمية أدبهم بقصيدة النثر لأنه في أبسط الأمور هناك خلط بين مصطلح القصيدة والنثر، فمصطلح القصيدة يطلق على قصيدة الوزن، ومصطلح النثر يطلق على الكلام الخالي من الوزن، وإن كنا نلاحظ أن بعض النثر يدخل فيه الوزن أو الإيقاع بطريقة عفوية تماما، وهذا ما نلاحظه على بعض الأسماء أو على مانشيتات الصحف وغيره. إلا أن ذلك لا يمكن عده شعرا، غير أن بعض المتشيعين لقصيدة النثر من الشعراء والمبدعين، يعتقد إنها امتداد طبيعي لقصيدة التفعيلة، والبعض يراها كشف جديد لمساحة من شعرنا المعاصر. والبعض يرفضها تماما، ويرفض انتماءها لعالم الشعر بكل أشكاله القديمة والجديدة، والبعض الآخر يقف موقفا وسطا ويترك الحكم على هذا اللون من الأدب للمستقبل.)

إذن يمكننا القول بأن قصيدة النثر ليست إلا شكلا من أشكال التعبير عن

(صدمة الحداثة) كما هو تعبير أدونيس، وفعل الصدمة يفوت على المصدوم فرصة التأمل والفعل، واضعا إياه في موضع الاستقبال لا الإرسال. ومع امتلاك الغرب لطاقات فكرية وثقافية هائلة، لكن يقابله بؤس في الفكر النقدي العربي، وكأننا لا نتمكن من اكتشاف أداة صحو حقيقية معلقين الأمل دائما على الغرب.

لقد واجهت قصيدة النثر انتقادات واسعة من قبل الشعراء والأدباء، معللين ذلك إلى كونها تهدم كيان القصيدة العربية القائمة على الوزن والقافية، ممثلين لها بأنها – أي القصيدة العربية- كالجسد الإنسان لا يمكن استعارته وتغييره.

وأمثل على قصيدة النثر في (قول أنسي الحاج والتي تحت عنوان (بحيرة) يقول:

من كان يصدق أن الفلكي هو الصحراء أكثر

من البدوي؟ رأى صديقي الأنابيب والعقاقير وأوعيه

تصعد إلى برفقة القابضين على المفاتيح خفيفة

خفة الفوز ووقف أمام خيط هام به وأقسم أنه غير

عادي ليس لعبة ليست سحابة خيط مالح يرتفع من بلعوم معبد

إن مثل هذا الكلام من أمثلة كثيرة على الاستثارة التي يلقيها أسلوب أنسي الحاج في القارئ للوهلة الأولى، ولكن من حق القارئ والناقد أن يتساءل ويبحث عن الجمال والمتعة اللذين يمكن أن يصاحبا مثل هذا الكلام.)

كما يقول أيضا أحمد سويلم: (إنني أدعو إلى ضم ما يسمى (قصيدة النثر) إلى فن القصة الحديثة على أن تعاد كتابته مرة أخرى في سطور متساوية وفقرات ملائمة، أو يضم إلى ما يسمى بالنثر الفني الحديث بعد مرحلة الحريري والمنفلوطي وغيرهم من الرواد.

ونحن نقول لا لقصيدة النثر، لأنها لا تنتمي إلى الشعر كفن، لكننا نقول نعم، للجديد الذي يضيف للشعر أفق أرحب.)

لقد واجهت قصيدة النثر بردود واسعة وقوية تجاه شعرائها ومؤيديها، على العكس من قصيدة التفعيلة فالهجوم على قصيدة التفعيلة أقل حدة من الهجوم العنيف على قصيدة النثر، وذلك راجع لكون قصيدة النثر متحررة من الوزن والقافية، وهما الركيزتان للشعر العربي الأصيل، بالإضافة إلى خوف الأدباء على مستقبل الشعر العربي، وأضف أيضا إلى كون قصيدة النثر متأثرة تأثيرا واضحا بالحضارات الغربية، التي تحاول هدم موروث اللغة العربية، كما تحمل قصيدة النثر مدارس فكرية حولت مفهوم الشعر الذي يحمل رسالة نبيلة إلى المتلقي والقارئ، إلى رسائل مشتتة لا تحمل هدفا معيينا ولا حتى جماليا.

إن الحداثة في الشعر العربي أحدثت حراك ثقافيا قائما، كما أحدثت تغييرا جريئا في الأشكال الفنية للقصيدة العربية –كما بينت- لكنها أيضا حملت مع هذا التغير تغييرا في المضمون والرسالة قائم على متغيرات وثقافات الحداثة ومنبعها، كما أحدثت مدارس فكرية مختلفة وشعراء منافحون عن كل مدرسة ينتمون إليها، كما تطرقت لأسلوب جديد بعيد عن المباشرة والتقرير.

المدارس الفكرية الحداثية

لقد تنوعت المدارس الأدبية في العصر الحديث، وذلك راجع إلى عوامل عديدة أدت لهذا التنوع والاختلاف، ويمكن للحداثة والتأثر بالحضارة الغربية أثر في ذلك، كما أن هجرة الشعراء العرب للأمريكتين لها أثر بالغ في ذلك، وسأعرض لتلك المدارس بشكل سريع وموجز.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير