تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن ذلك (الحَمَامُ) يذهب الناس إلى أنه الدَّوَاجِنُ التي تُسْتَفْرَخُ في البيوت وذلك غلط إنما الحمام ذوات الأطواق وما أشبهها مثل الفَوَاخِت والقَمارِيّ والقَطَا قال ذلك الأصمعي ووافقه عليه الكسائي قال حُمَيد بن ثَوْر الهلاليّ:

(وَمَا هَاجَ هذَا الشَّوْقَ إِلاَّ حَمَامَةُ ... دَعَتْ سَاقَ حُرّ تَرْحَةً وَتَرَنُّمَا)

فالحمامة ههنا قُمْرِيَّة. وقال النابغة الذبياني:

(واحْكُمْ كَحُكم فَتَاةِ الحيِّ إذْ نَظَرَتْ ... إلى حَمَامٍ شِرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ)

قال الأصمعي: هذه زَرْقَاء اليَمامة نظرت إلى قَطًا

قال: وأما الدواجن فهي التي تُسْتَفْرَخ في البيوت فإنها وَما شاكلها من طير الصحراء اليَمامُ الواحدة يمامة

ومن ذلك (الرَّبِيعُ) يذهب الناس إلى أنه الفصل الذي يتبع الشتاء ويأتي فيه الَوَرْدُ والنَّوْرُ ولا يعرفون الربيع غيره والعرب تختلف في ذلك: فمنهم من يجعل الربيعَ الفصلَ الذي تُدْرِك فيه الثمار - وهو الخريف - وفصلُ الشتاء بعده ثم فصلُ الصيف بعد الشتاء - وهو الوقت الذي تدعوه العامة الربيع - ثم فصل القَيْظ بعده وهو الوقت الذي تدعوه العامةُ الصيفَ ومن العرب من يسمى الفصل الذي تدرك فيه الثمار - وهو الخريف - الربيعَ الأولَ ويسمى الفصل الذي يتلو الشتاء وتأتي فيه الْكَمْأَةُ والنَّوْرُ الربيعَ الثاني وكلهم مجمعون على أن الخريف هو الربيع

ومن ذلك (الظلُّ والْفَيءُ) يذهب الناس إلى أنهما شيء وَاحد وليس كذلك لأن الظل يكون غُدْوَةً وعَشِيّةً ومن أول النهار إلى آخره ومعنى الظل السِّتْر ومنه قول الناس (أَنَا فيِ ظِلِّكَ) أي: في ذَرَاكَ وسِتْرِك ومنه (ظل الجنة وظل شجرها) إنما هو سترُها وَنواحيها وظلُّ الليل: سواده لأنه يستر كل شيء قال ذو الرُّمة:

(قَدْ أَعْسِفُ النازِحَ الْمَجْهُولَ مَعْسِفُهُ ... فيِ ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هَامَةُ الْبُومُ)

أي: في سِتْر ليل أسودَ فكأن معنى ظل الشمس ما سترته الشخوصُ من مَسْقطها والفيءُ لا يكون إلا بعد الزوال ولا يقال لما قبل الزوال فيء وإنما سمى بالعشي فيئًا لأنه ظلٌّ فاء عن جانب إلى جانب أي: رَجَع عن جانب المغرب إلى جانب المشرق والفيء هو الرجوع ومنه قول الله عز و جل: (حَتَّى تَفِيءَ إلى أَمْرِ الله) أي: ترجع إلى أمر الله

وقال امرؤ القيس:

(تَيَمَّمَتِ الْعَيْنَ التي عِنْدَ ضَارِج ... يَفيءُ عَلَيهَا الظلُّ عَرْمَضُهَا طامٍ)

أي: يرجع عليها الظل من جانب إلى جانب فهذا يدلك على معنى الفيء

وقال الشمّاخُ:

(إذَا الأرْطَى تَوَسّدَ أَبْرَدَيْهِ ... خُدُودُ جَوَازِيء بالرّمْلِ عِينِ)

أبْرَدَاه: الظل والفيء يريد وقت نصف النهار وكأن الظباء في بعض ذلك الوقت كانت في ظل ثم زالت الشمسُ فتحوَّل الظل فصار فيئاً فَحَوَّلَتْ خدودها

ومن ذلك (الآل والسَّرَاب) لا يكاد الناس يَفْرُقون بينهما وإنما الآل أولَ النهار وآخرَه الذي يرفع كل شيء وسمى آلاً لأن الشخصَ هو الآل فلما رَفعَ الشخصَ قيل: هذا آلٌ قد بَدَا وتبين قال النابغة الجَعْدِي:

(حَتَّى لَحقنَا بِهمْ تُعْدِي فَوَارسُنا ... كأننا رَعْنُ قُفٍّ يَرْفَعُ الآلا)

وهذا من المقلوب أراد كأننا رَعْنُ قُفٍّ يرفعه الآل وأما السَّرَاب فهو الذي تراه نصفَ النهار كأنه ماء قال الله عز و جل (كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يحْسَبُهُ الظمآنُ ماء)

ومن ذلك (الدَّلَجُ) يذهب الناس إلى أنه الخروج من المنزل في آخر الليل وليس كذلك إنما الدلَجُ سير الليل قال الشاعر يصف إبلا:

(كأنها وقد بَرَاهَا الأَخْمَاسْ ... ودَلَجُ الليل وهادٍ قَيَّاسْ)

(وَمَرِجَ الصِّفْرُ وَمَاجَ الأحْلاَسْ ... شَرَائِجُ النَّبْعِ براها القَوَّاسْ)

(يَهْوِي بِهِنَّ بَخْتَرِيٌّ هَوَّاسْ ... )

وقال أبو زُبَيْدٍ يذكر قوماً يَسْرُونَ:

(فَبَاتُوا يُدْلِجُونَ وبَاتَ يَسْرِي ... بَصِيرٌ بالدُّجَى هَادٍ غَمُوس)

يعني الأسد. وكان رجل من أصحاب اللغة يخطِّيء الشماح في قوله:

(وتَشْكُو بِعَيْنِ مَا أَكَلَّ رِكَابَهَا ... وقِيلَ المُنَادِي: أَصْبَحَ الْقَوْمُ أَدْلِجي)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير