والسارق: مَنْ سرق سراً بأي وجه كان
ويقال: كل خائن سارق وليس كل سارق خائناً والغاصب: الذي جاهَرك ولم يستتر والقطعُ في السَّرَقِ دون الخيانة والغصب
ومن ذلك (البخيل واللئيم) يذهب الناس إلى أنهما سواء وليس كذلك إنما البخيل الشحيح الضَّنِين واللئيم: الذي جمع الشحَّ ومَهَانة النفس ودناءة الآباء يقال: كل لئيم بخيل وليس كل بخيل لئيما
قال أبو زيد: (الْمَلُوم) الذي يُلاَمُ ولا ذنب له و (الْمُلِيمُ) الذي يأتي ما يُلاَم عليه قال الله عزّ وجلَ: (فَالْتَقَمَهُ الحُوت وَهُوَ مُلِيم) والمِلآم: الذي يقوم بعذر اللئام ذلك (التِّلاد والتَّلِيد) لا يفرق الناس بينهما والتَّليد: ما ولد عند غيرك ثم اشتريته صغيراً فنبت عندك والتِّلاد: ما ولد عندك ومنه حديث شُرَيح في رجل اشترى جارية وشَرَطُوا أنها مُوَلَّدَة فوجدها تَلِيدةً فردها فالمولدة: بمنزلة التلاد وهما ما ولد عندك والتَّلِيدة 37 في حديث شريح التي ولدت ببلاد العجم وحملت صغيرة فنبتت ببلاد الإسلام
ومن ذلك (الحمد والشكر) لا يفرق الناس بينهما فالحمد: الثناء على الرجل بما فيه من حَسَن تقول: (حَمِدْت الرّجُل) إذا أَثنيتَ عليه بكرم أو حَسَب أو شجاعة وأشباه ذلك والشكر له: الثناء عليه بمعروفٍ أولاَكَهُ وقد يوضع الحمد موضع الشكر فيقال (حمدته على معروفه عندي) كما يقال: (شكرت له) ولا يوضع الشكر موضع الحمد فيقالَ: (شكرت له على شجاعته)
ومن ذلك (الجَبْهَةُ والْجَبين) لا يكاد الناس يفرقون بينهما فالجبهة: مَسْجِدُ الرجل الذي يصيبه نَدَبُ السجود والجبينان: يكتنفانها من كل جانب جبينٌ
ومن ذلك (اللَّبّة) يذهب الناس إلى أنها النُّقْرة التي في النّحْر وذلك غلط إنما اللَّبّةُ المَنْحَر فأما النُّقْرَة فهي الثّغْرَة
ومن ذلك الآرِيُّ 38 يذهب الناس إلى أنه المِعْلَفُ وذلك غلط إنما
الآرِيُّ الآخِيّة التي تُشَدُّ بها الدواب وهي من (تأرَّيْتَ بالمكان) إذا أقمت به وقال الشاعر:
(لاَ يَتَأَرَّى لِمَا في الْقِدْرِ يَرْقُبُهُ ... وَلاَ يَعَضُّ عَلَى شُرْسُوفِهِ الصّفَرُ)
أي: لا يتجسس على إدراك القِدْر ليأكل منها وتقدير (آرِيٍّ) من الفعل: فاعول
ومن ذلك (المَلَّة) يذهب الناس إلى أنها الخُبْزَة فيقولون: (أَطْعَمَنَا
) وذلك غلط إنما الملة موضع الْخُبْزَة سُمِّى بذلك لحرارته ومنه قيل: (فُلاَنٌ يَتَمَلْمَلُ عَلَى فراشه) والأصل (يَتَمَلَّلُ) فأبدل من إحدى اللامين ميما ويقال: (مَلَلْتُ الْخُبْزَة في النار أَمُلّهَا مَلاًّ)
والصواب أن تقول (أطعمنا خُبْزَ مَلّةٍ)
ومن ذلك (الْعَبِيرُ) يذهب الناس إلى أنه أخْلاَطٌ من الطيب
وقال أبو عبيدة: الْعَبِيرُ عند العرب الزَّعْفَرَانُ وحده وأنشد للأعشى:
(وَتَبْرُدُ بَرْدَ رِدَاء الْعَرُوسِ ... فِي الصَّيْفِ رَقْرَقْتَ فِيهِ الْعَبِيرَا)
(ورقرقت) بمعنى رَقَّقْتَ فأبدلوا من القاف الوسطى راء كما قالوا: (حَثْحَثْتُ) والأصل حَثَّثْتُ أي: صَبَغْته بالزعفران وصقلته
وكان الأصمعي
: إن العبير أخلاط تجمع بالزعفران ولا أرى القول إلا ما قال الأصمعي لقول رسول الله للمرأة: (أَتَعْجِزُ إحْدَاكُنَّ أَنْ تَتّخِذَ تُوْمَتَيْنِ ثمَّ تَلْطَخَهُمَا بِعَبِيرٍ أوْ وَرْس أو زعفران) ففرق بين العبير والزعفران والتّوْمة: حَبَّة تُعْمَل من فضة كالدُّرَّة
وكان بعض أصحاب اللغة يذهب في قول الناس (خرجنا نتنزَّه) - إذا خرجوا إلى البساتين - إلى الغَلَطِ وقال: إنما التنزه التباعد عن المياه والريف ومنه يقال (فلان يتنزه 40 عن الأقذار) أي: يُبَاعد نفسه عنها (وفلان نزيهٌ كريمٌ) إذا كان بعيداً عن اللؤم وليس هذا عندي خطأ لأن البساتين في كل مصر وفي كل بلد إنما تكون خارج المصر فإذا أراد الرجل أن يأتيها فقد أراد أن يتنزه أي: يتباعد عن المنازل والبيوت ثم كَثُرَ هذا واستعمل حتى صارت النزهة القعود في الْخُضَرِ والجِنَانِ
ومن ذلك (الأعجميُّ والعجميُّ) (والأعرابيُّ والعَربيُّ) لا يكاد عوامُّ الناس يفرقُون بينهما فالأعجمي: الذي لا يُفْصِح وإن كان نازلا في البادية والعجميُّ: المنسوبُ إلى العجم وإن كان فصيحاً والأعرابي: هو البدوي وإن كان بالحضر والعربيُّ: المنسوب إلى العرب وإن لم يكن بَدَويا
ومن ذلك (إشْلاَء الكَلْب) هو عند الناس إغراؤه بالصيد وبغيره مما تريد أن يحمل عليه وذلك غلط وإنما إشْلاَء الكلب أن تدعُوَهُ إليك وكذلك الناقة والشاة قال الراجز:
(أَشْلَيْتُ عَنْزِي وَمَسَحْتُ قَعْبِي ... )
يريد أنه دعا عنزة ليحلبها فأما إغراء الكلب بالصيد فهو الإبساد تقولي: آسَدْتُهُ وأوْسَدْته إذا أغريته
ومن ذلك (حاشية الثوب) يذهب الناس إلى أنها جانبه الذي لا هُدْبَ له وذلك غلط وحواشي الثوب: جوانبه كلها فأما جانبه الذي لا هُدب له فهو طُرَّته وكُفَّتُه
ومن ذلك (الْهُجْنَة والإقْرَاف) في الخيل لا يكاد يفرقُ الناس بينهما فالهجْنَة إنما تكون من قِبَل الأم فإذا كان الأب عتيقاً والأم ليست كذلك كان الولد هَجِينا والإِقْرَاف: من قِبَل الأب فإذا كانت الأم من العتاق والأب ليس كذلك كان الولد مُقْرِفا وأنشد أبو عبيدة لهند بنت النعمان بن بشير في رَوْح ابن زِنْبَاعٍ:
(وَهَلْ هِنْدُ إِلاَّ مُهْرَةٌ عَرَبِيَّةٌ ... سَلِيلةُ أفرَاسٍ تَجَلّلهَا نَغْلُ)
(فإنْ نُتِجَتْ مُهْرًا كرِيماً فَبِالْحَرَى ... وَإنْ يكُ إقْرَافٌ فَقَدْ أقْرَفَ الْفَحْلُ)
¥