{ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط} فنبه بحسن الاقتصاد في الأمر الجزئي على حسنه في كل أمر
260
ويكفي هذا العلمَ شرفا أن عليا رضي الله عنه مع توفيقه للصواب ودوران الحق معه كيف ما دار بدعاء النبي ? له بذلك عُنِي بإنشائه واهتم بإظهاره على ما قد ثبت واشتهر عنه بما قدمنا ذكره
............
[يستعمل المؤلف كلمة (بديهي) كثيرا]
262
ولا يُتصور معرفةُ الحكم إلا في حق من يتصور المحكوم عليه.
263
إجماع العالم على استحسان هذا العلم والحث عليه والندب إليه، سلفا وخلفا مسلما وكافرا عربا وعجما، من لدن الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى عصرنا هذا، على مرور الأعصار، في جميع الأمصار، وكرور الليل والنهار، حتى إنا لنرى الكفارَ من اليهود والنصارى يكافحون على علمه ويتقربون إلى أهله عيانا وسماعا.
266
[ذكر الطوفي قصة المازني في (إن مصابكم رجلا) ثم قال]
والعجب من قوم يجالسون الملوك، كيف تقصر مادتهم عن مثل هذه النكتة السهلة، ولكن سبب جرَّ لأبي عثمان خيرا
......... وأي عيب يريد لنفسه أعظم من مخالفة إجماع العالم، فهل هو إلا في عداد البهائم؟
267
ثم إنا قد ابتلينا بجهال متعلمي زماننا، وعجزة متمزهديهم، إذا ذكر الأدب بحضرتهم ينفض أحدهم كمه ويكلح وجهه ويقول: معرفة مسألة من الحلال والحرام أحب إليَّ من كتاب سيبويه، ويتغالى في التمزهد، ويبالغ في التقشف، عجزا منه وزهدا من العلم فيه، ولو نظر ببصيرته التي لم ينورها الله تعالى وتأيد في أمره لما قال ذلك، فإن المسألة التي يشير إليها من الحلال والحرام إنما نشأت عن البحث عن معاني الكتاب والسنة وتحقيق ألفاظهما وتنقيح المراد بهما، وطريق ذلك العربية وغيرها من المواد.
268
من تولى مباشرة العلم بنفسه واصطلاه بحسه ظفر منه بالعيون وظهر له منه المكنون، ويكون مدركا للأحكام بأدلتها، عن سبر وانتقاد، وجد واجتهاد، فيكون ذلك أعلى مرتبة وأسنى منقبة، ممن اتكل على تنقيب زيد وعمرو، ولأن مجاري الظنون تختلف باختلاف القرائح والفهوم، ولهذا ترى العلماء على اختلاف طبقاتهم، وتفاوت درجاتهم، من المجتهد المطلق والمقيد يكون الراجح عند بعضهم مرجوحا عند بعض، وما ذاك إلا لتفاوت الخواطر وتباين القرائح في مجاري الظنون، ولا شك أن ربتة الاجتهاد في الجملة أشرف من رتبة التقليد، والنفس أسكن إلى ما أدركته عن اجتهاد منها إلى ما أخذته عن تقليد.
269
فدخل سوق الفضائل مجتازا، فوزن حبه فصار جلوازا
[قال المحقق: ويمكن أن تكون كلمة (جلواز) محرفة في النسختين، وأن المقصود (جلوزا) وهو البندق. كما في اللسان والقاموس، وحينئذ يكون الضمير في (صار) عائدا إلى الحب والله أعلم]
[قلت: هذا خطأ، ويفقد السجع المراد قطعا، ولعل المراد أنه ظن بما معه من قليل العلم الذي شبهه بالحب أنه يصير جلوازا أي قاضيا أو أمينه]
271
واتفقوا على اشتراط صفات في القاضي والمفتي، منها:
/ أن يكون مجتهدا، وفسروا المجتهد بمن يعرف من الكتاب والسنة: الحقيقة والمجاز والنهي والمجمل والمبين والمحكم والمتشابه والعام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمستثنى والمستثنى منه والعربية المتداولة بالحجاز واليمن والشام والعراق وبواديها، ثم قالوا: فمن وقف على ذلك أو على أكثره ورزق فهمه صلح للفتيا والقضاء.
وهذه أحكام كلها أو أكثرها ناشئ عن علم العربية، ومركب منها، ومن القضايا الأصولية، وإذا كان الاتفاق واقعا على اشتراط هذه الصفات في المفتي والقاضي فكيف يجوز نسبة الخلو منها إلى هداة الدين، وأئمة الشريعة المتقدمين،
272
حتى إني رأيت ذلك كتابا مستقلا، يعرف بمسائل نافع بن الأزرق لابن عباس، ثلاثة كراريس فيه مائتان وخمسون بيتا تقريبا.
[قلت: هذه المسائل في الوقف والابتداء لابن الأنباري والإتقان للسيوطي وغيرها]
273
أم محمد بن إدريس الشافعي الذي عقدت فصاحتُه على الأقطار ألوية، وضربت بلاغته في الآفاق أحوية، وكان يعجب مالكا قراءته لفصاحته.
أم الإمام أحمد بن حنبل الذي مكث مدة أيام المحنة يضرب بالسياط ويفرط في أذاه غاية الإفراط، في مواطن تنقلب فيها الأسود، وتشيب فيها الذوائب السود، ولم يسمع منه لحن في مناظرته ولا تمتمة في فصاحته.
274
فمن أصحابنا رحمهم الله: القاضي الإمام أبو يعلى الذي حل من فنون العلم المحل الأعلى.
¥