{وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ}
وقوله تعالى: {ووالد وما ولد} قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب حدثنا ابن عطية عن شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى:
{ووالد وما ولد} الوالد الذي يلد وما ولد العاقر الذي لا يولد له ورواه ابن أبي حاتم من حديث شريك وهو ابن عبد الله القاضي به وقال عكرمة الوالد العاقر وما ولد الذي يلد رواه ابن أبي حاتم وقال مجاهد وأبو صالح وقتادة والضحاك وسفيان الثوري وسعيد بن جبير والسدي والحسن البصري وخصيف وشرحبيل بن سعد وغيرهم: يعني بالوالد آدم وما ولد ولده وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حسن قوي لأنه تعالى لما أقسم بأم القرى وهي أم المساكن أقسم بعده بالساكن وهو آدم أبو البشر وولده وقال أبو عمران الجوني: هو إبراهيم وذريته رواه ابن جرير وابن أبي حاتم واختار ابن جرير أنه عام في كل والد وولده وهو محتمل أيضا (10)
وقوله تعالى: {ووالد وما ولد} قيل فيه: آدم ? و ولده. (11)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10) تفسير ابن كثير (4/ 659)، الدر المنثور (8/ 519)، القرطبي (20/ 55)، تفسير أبي السعود (9/ 160)
(11) غريب ابن قتيبة (528)،القرطين (2/ 210)، الكشاف (4/ 255)
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}
قوله: {لقد خلقنا الإنسان في كبد} وهذا هو جواب القسم
عن قتادة قال: وقع هاهنا القسم {لقد خلقنا الإنسان في كبد}
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: معناه: لقد خلقنا ابن آدم في شدة وعناء ونصب، ذكر من قال ذلك: عن ابن عباس قوله {لقد خلقنا الإنسان في كبد} يقول: في نصب، وعن قتادة {لقد خلقنا الإنسان في كبد} حين خلق في مشقة لا يلقى ابن آدم إلا مكابد أمر الدنيا والآخرة (12)
وقوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد} روي عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وإبراهيم النخعي وخيثمة والضحاك وغيرهم يعني منتصبا زاد ابن عباس في رواية عنه منتصبا في بطن أمه والكبد الاستواء والاستقامة ومعنى هذا القول لقد خلقناه سويا مستقيما كقوله تعالى: {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك} وكقوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} وقال ابن ابي نجيح وجريج وعطاء عن ابن عباس: في كبد قال في شدة خلق ألم تر إليه وذكر مولده ونبات أسنانه وقال مجاهد {في كبد} نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق قال مجاهد: وهو كقوله تعالى: {حملته أمه كرها ووضعته كرها} وأرضعته كرها ومعيشته كره فهو يكابد ذلك (13)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
(12) تفسير الطبري (12/ 578)
(13) تفسير ابن كثير (4/ 659)
وقال سعيد بن جبير {لقد خلقنا الإنسان في كبد} في شدة وطلب معيشه وقال عكرمة: في شدة وطول وقال قتادة: في مشقة وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد بن جعفر سمعت محمد بن علي أبا جعفر الباقر سأل رجلا من الأنصار عن قول الله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد} قال: في قيامه واعتداله فلم ينكر عليه أبو جعفر وروي من طريق أبي مودود سمعت الحسن قرأ هذه الاية {لقد خلقنا الإنسان في كبد} قال: يكابد أمرا من أمر الدنيا وأمرا من أمر الاخرة وفي رواية: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الاخرة وقال ابن زيد:
{لقد خلقنا الإنسان في كبد} قال: آدم خلق في السماء فسمي ذلك الكبد واختار ابن جرير أن المراد بذلك مكابدة الأمور ومشاقها (14)
والإنسان لا يزال في شدائد مبدؤها ظلمة الرحم ومضيقه ومنتهاها الموت وما بعده وهو تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام مما كان يكابده من قريش (15)
وأمّا أهل اللغة فيقولون: الكَبَدُ: المشقّة تقول: إنّهم لفي كَبَدٍ منْ أمرهم (16)
و الكَبَدُ بفتحتين الشدة ومنه قوله تعالى {لقد خلقنا الإنسان في كبد} (17)
(الكَبَدُ) بفتحتين المشقة من (المُكَابَدَةِ) للشيء و هي تحمل المشاق في فعله (18)
الكبد: شدَّة ومكابَدة لأمُور الدَّارين. (19)
¥