وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي الربيع الدمشقي عن مكحول قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: [يقول الله تعالى يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعما عظاما لا تحصي عددها ولا تطيق شكرها وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما وجعلت لهما غطاء فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك وإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما وجعلت لك لسانا وجعلت له غلافا فانطق بماأمرتك وأحللت لك فإن عرض عليك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك وجعلت لك فرجا وجعلت لك سترا فأصب بفرجك ما أحللت لك فإن عرض عليك ماحرمت عليك فأرخ عليك سترك ابن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تطيق انتقامي] (30)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(29) تفسير فتح القدير (5/ 629)، تفسير القرطبي (20/ 58)، تفسير البغوي (1/ 341)،تفسير النسفي (4/ 340)
(30) تفسير ابن كثير (4/ 659)، روح المعاني (30/ 136)، تفسير الثعالبي (4/ 415)، الكشاف (4/ 255)
{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}
وقوله: {وهديناه النجدين} يقول تعالى ذكره: وهديناه الطريقين
ونجد: طريق في ارتفاع.واختلف أهل التأويل في معنى ذلك فقال بعضهم: عني بذلك: نجد الخير ونجد الشر كما قال {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا}
ذكر من قال ذلك:عن عبد الله {وهديناه النجدين} قال: الخير والشر، وعن ابن عباس قوله {وهديناه النجدين} يقول: الهدى والضلالة
وعن مجاهد قوله {وهديناه النجدين} قال: سبيل الخير والشر
وعن:عطية أبو وهب قال سمعت الحسن يقول: قال رسول الله (صلى الله عليهوسلم)
(هما نجدان: نجد الخير ونجد الشر فما يجعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير)
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وهديناه الثديين: سبيلي اللبن الذي يتغذى به وينبت عليه لحمه وجسمه.
ذكر من قال ذلك:عن ابن عباس {وهديناه النجدين} قال: هما الثديان
و عن الضحاك قال: الثديان. عن أبي بردة قال: مر بنا الربيع بن خثيم فسالناه عن هذه الآية {وهديناه النجدين} فقال: أما إنهما ليسا بالثديين (31)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(31) تفسير الطبري 12/ 590، ابن كثير 4/ 659، القرطبي 20/ 59، فتح القدير 5/ 629، البغوي 1/ 431، البيضاوي 1/ 439
تفسير الجلالين 1/ 808، الوجيز 1/ 204، أبي السعود 9/ 161، الدر المنثور 8/ 521، روح المعاني 30/ 136
زاد المسير 9/ 132،الثعالبي 4/ 415، الكشاف4/ 256
وأولى القولين بالصواب في ذلك عندنا قول من قال: عني بذلك طريق الخير والشر وذلك أنه لا قول في ذلك نعلمه غير القولين اللذين ذكرنا والثديان وإن كان سبيلي اللبن فإن الله تعالى ذكره إذا عدد على العبد نعمه بقوله {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاجٍ نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا * إنا هديناه السبيل}
[الإنسان: 2 - 3] إنما عدد عليه هدايته إياه إلى سبيل الخير من نعمه فكذلك قوله {وهديناه النجدين} (32)
وأمّا أهل اللغة فيقولون: الطريقُ الواضِحُ يُسَمَّى نَجْداً وقوله تعالى: (وهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) أي طريقَ الخَيْر وطريقَ الشَرّ (33)
والنَّجْدُ: الثَّدْيُ والبَطْنُ تَحْتَه كالغَوْرِ وبه فُسِّر قولهُ تعالى " وهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ " أَي الثَّدْيَيْنِ وقيل: أَي طَرِيقَ الخَيْرِ وطَرِيقَ الشَّرِّ وقيل: النَّجْدَيْنِ: الطَّرِيقَيْنِ الواضِحَينِ والنَّجْدُ: المُرْتَفع من الأَرْضِ والمعنَى أَلَمْ نُعَرِّفْه طَرِيقَيِ الخَيْرِ والشَّرّ (34)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(32) تفسير الطبري 12/ 590، ابن كثير 4/ 659
(33) كتاب العين (مادة نجد 6/ 84)، مختار الصحاح (مادة نجد 1/ 688)، المحكم والمحيط الأعظم (مادة نجد 3/ 78)
تهذيب اللغة (مادة نجد 4/ 54)
(34) تاج العروس (مادة نجد 1/ 2289)، غريب ابن قتيبة 528، غريب السجستاني 204، القرطين 2/ 210
{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}
¥