تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي النثر مثل ذلك نشهده في اتخاذهم أسماء الكتب والمؤلفات مماثلة لنظائرها المشرقية واحتذائهم فيها مناهج مشابهة لكتب المشارقة فكتاب (العقد الفريد) لأبن عبد ربه حاكى فيه (عيون الأخبار) لأبن قتيبة، وكتاب ابن بسّام المشهور (الذخيرة) تأثر في تأليفه بكتاب (يتيمة الدهر) للثعالبي وليحيى بن الحدج المرسي كتاب (الأغاني الأندلسية) وهو كتاب يشبه كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الاصفهاني وهكذا ولأبن شرف القيرواني مقامات يعارض فيها البديع "بديع الزمان الهمذاني " كما عارض أبو حفص بن برد أبا الفضل ابن العميد في بعض رسائله الديوانية بل أنهم شبَّهوا ملوك الأندلس بالخلفاء العبّاسيين يقول ابن جيان: (إنَّ المعتضد كان يتخذ سيرة سميه الخليفة المعتضد العبّاسي قدوة له، ويقتدي بإخباره) بل حتى إطلاق ألقاب شعراء المشرق على شعرائهم فأبو الخطار حسام بن ضرار لقب بعنترة وابن زيدون لقب بالبحتري وحمدونة بنت زياد بالخنساء ويحيى الغزال شبه في خمرياته بأبي نؤاس وهكذا) (6) من هذا يتبين لنا أنَّ المعارضة كانت في صميم الأندلسيين وذلك لتغلغلها في الشعر والنثر وفي ثنايا حياتهم

5. الأدب الأندلسي / للدكتور منجد مصطفى بهجت ص 267

6. الأدب الأندلسي / للدكتور منجد مصطفى بهجت ص 271 – 273

أغراض المعارضات الشعرية

كما تقدَّم في تنوع المعارضات وعدم اقتصارها على الشعر فقط (في الشعر و النثر و أسماء المدن وغيرها) فمن باب أولى تنوعها في أغراض الشعر فنجد معارضات في المديح و الغزل و الاعتذار والهجاء والرثاء وفي الوصف وغيرها (وإذا كانت المعارضة تلتزم الوزن والقافية فإن موضوعها لا يتحدد بل يتعدد فالمُعارِض الكفء هو الذي يتابع الشاعر المُعارَض في قصيدته في كل غرض وموضوع كما يتابع الفارسُ الفارسَ في نزاله في كل خطوة لا يتجاوزه ولا يبعد عنه حتى ينتصر عليه) (7)

أمثلة للمعارضات

1) معارضة الأندلسيين للشعر الجاهلي:

(قال أمرؤ القيس: وَلَيلٍ كَمَوجِ البَحرِ أَرخى سُدولَهُ عَلَيَّ بِأَنواعِ الهُمومِ لِيَبتَلي

فَقُلتُ لَهُ لَمّا تَمَطّى بِصُلبِهِ وَأَردَفَ أَعجازاً وَناءَ بِكَلكَلِ

فانَّ الشاعر الأندلسي أبا المخشي عاصم بن زيد ينظر إلى صورة أمريء القيس من بعيد ويؤلف صورة أكثر إبداعا ويعبر عنها معارضاً بقوله:

وهم ضافني في جوفِ ليل ٍ كِلا مَوجِيهِما عِندي كبيرُ

فبتنا والقلوب معلَّقاتٌ وأجنحةُ الرياح بن تطيرُ

فالليل عند الشاعر الأندلسي بحر كبير ذو موج متلاطم في جوفه هم ثقيل وهو أيضاً طويل البحر الكبير المتلاطم الأمواج.وبين هذين الموجين تبقى القلوب معلَّقة من الخوف.) (8)

2) معارضة الأندلسيين للشعر العبّاسي:

(قال مسلم بن الوليد (صريع الغواني) متغزلاً واصفاً الخمر:

أَديرا عَليَّ الراحَ لا تَشرَباقَبلي وَلا تَطلُبا مِن عِندِ قاتِلَتي ذَحلي

فَما حَزَني أَنّي أَموتُ صَبابَةً وَلَكِن عَلى مَن لا يَحِلُّ لَهُ قَتلي

فجاء ابن عبد ربه وقد أكثر معارضته كبار شعراء المشرق ولْنستمع إلى معارضته لمسلم بن الوليد ثُمَّ تعليقه هو على تلك المعارضة ليتضح انَّه كان يحاول أن يسبق شعراء المشرق) (9)


7) الأدب الأندلسي / للدكتور منجد مصطفى بهجت ص 274
8) اتجاهات الشعر الأندلسي إلى نهاية القرن الثالث الهجري / الدكتور نافع محمود ص 116
9) اتجاهات الشعر الأندلسي إلى نهاية القرن الثالث الهجري / الدكتور نافع محمود ص 117

فعارضه ابن عبد ربه بقوله:
أ َتَقتُلني ظُلماً وتجحَدُني قَتلي وقد قامَ مِن عينيكَ لي شاهِدا عَدْلِ أَطُلَّابَ ذَحلي ليسَ بي غَيرُ شادنٍ بعينيهِ سِحرٌ فاطْلبوا عنده ذحلي
القصيدتان من الطويل وكلتاهما في الغزل ويبدو أنَّ طريقة ابن عبد ربه التزام المعاني الاصيلة ومحاولة عكسها فإذا قال مسلم بن الوليد (وَلا تَطلُبا مِن عِندِ قاتِلَتي ذَحلي) عارضه الأندلسي بقوله:
أَطُلَّابَ ذَحلي ليسَ بي غَيرُ شادنٍ بعينيهِ سِحرٌ فاطْلبوا عنده ذحلي
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير