تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذا فَلّ عَزْمي عن مدًى خوْفُ بُعده ......... فأبْعَدُ شيءٍ ممكنٌ لم يَجِدْ عزْمَا

وإنّي لَمِنْ قَوْمٍ كأنّ نُفُوسَنا ........ بها أنَفٌ أن تسكنَ اللّحمَ والعَظمَا

كذا أنَا يا دُنْيا إذا شِئْتِ فاذْهَبي ......... ويا نَفسِ زيدي في كرائهِها قُدْمَا

فلا عَبَرَتْ بي ساعَةٌ لا تُعِزّني ......... ولا صَحِبَتْني مُهجَةٌ تقبلُ الظُّلْمَا

الشرح:

ألا لا أُري الأحداثَ حَمْدَاً ولا ذَمّا .... فَما بَطشُها جَهلاً ولا كفُّها حِلمَا

ــ الأحداث: نوائب الدهر ومصائبه.

ــ البطش: الأخذ بغلبة وقوة.

يقول: لا أحمد الحوادث السارة ولا أذم الضارة , فإنها إذا بطشت بنا أو آذتنا لم يكن ذلك جهلاً منها , و إذا كفّت عن البطش و الضرر لم يكن ذلك حلماً.

إلى مثلِ ما كانَ الفتى مرْجعُ الفتى ..... يَعُودُ كمَا أُبْدي ويُكرِي كما أرْمَى

ــ أبدي: هي أبدئ: أي أبدأه الله: أي خلقه.

ــ أكري: أي أنقص.

ــ أرمى: أي أربى و زاد.

يقول: إن كل واحد يرجع إلى مثل ما كان عليه من العدم و يعود إلى حالته الأولى كما أبدئ و ينقص ما حدث فيه من الحياة كما زاد , و إذن لا ذنب للحوادث حتى أذمها أو أحمدها.

لَكِ الله مِنْ مَفْجُوعَةٍ بحَبيبِها .... قَتيلَةِ شَوْقٍ غَيرِ مُلحِقِها وَصْمَا

ــ لك الله: دعاء لها.

ــ الوصم: العار.

ــ عنّى بحبيبها: نفسه.

يدعو لها ويقول: هي مفجوعة قتلت بسبب شوقها إليه , وليس هذا الشوق مما يلحق عيباً , لأنه شوق الأم إلى ولدها.

أحِنّ إلى الكأسِ التي شرِبَتْ بها ....... وأهوى لمَثواها التّرابَ وما ضَمّا

ــ يريد بالكأس التي شربت بها: كأس الموت.

ــ مثواها: مقامها , يعني القبر.

يقول: لا أحب البقاء بعدها و أحب ــ لأجل مقامها في التراب ــ التراب و ما ضمه التراب يعني شخصها.

بَكَيْتُ عَلَيها خِيفَةً في حَياتِها ....... وذاقَ كِلانا ثُكْلَ صاحِبِهِ قِدْمَا

ــ الثكل: الفقد.

ــ قدماً: أي قديماً.

يقول: كنت أبكي عليها في حياتها خوفاً من فقدها , وضرب الدهر من ضرباته وفرّق بيننا وتغربت عنها فذاق كل واحد منّا ثكل صاحبه قبل الموت.

ولوْ قَتَلَ الهَجْرُ المُحبّينَ كُلَّهُمْ ........ مضَى بَلَدٌ باقٍ أجَدّتْ لَهُ صَرْمَا

ــ أجد: بمعنى جدّد.

ــ الصرم: القطيعة.

يقول: لو كان الهجر يقتل كل محب كما قتلها هجري لقتل بلده أيضاً: يعني أن بلدها كان يحبها لافتخاره بها لما لها عليه وعلى أهله من الإفضال , ولكن الهجر إنما يقتل بعض المحبين دون بعض.

عرَفْتُ اللّيالي قَبلَ ما صَنَعَتْ بنا ....... فلَمَا دَهَتْني لم تَزِدْني بها عِلْمَا

يقول: كنت عالماً بالليالي و تفريقها بين الأحبة قبل أن تصنع بنا هذا التفريق فلما دهتني هذه المصيبة لم تزدني بها علماً.

مَنافِعُها ما ضَرّ في نَفْعِ غَيرِها ....... تغذّى وتَرْوَى أن تجوعَ وأن تَظْمَا

أختلف الشرّاح في هذا البيت: ولكن أنقل كلام الواحدي: الضمير في (منافعها) يعود لليالي و الأحداث: يعني أن المنافع الليالي في مضرة غيرها من الناس , ثم فسّر ذلك فقال: غذاؤها و ريها في أن تجوع أيها المخاطب وتظمأ , لِولُوعِهَا بالإساءة بنا كأن ريها وشبعها في جوعنا وظمئنا.

أتاها كِتابي بَعدَ يأسٍ وتَرْحَةٍ ....... فَماتَتْ سُرُوراً بي فَمُتُّ بها غَمّا

ــ الترحة: من الترح وهو الحزن.

يقول: اشتد حزني عليها فكأني مت بها غماً , وماتت هي من شدة سرورها بحياتي بعد إياسها مني.

حَرامٌ على قَلبي السّرُورُ فإنّني ....... أعُدّ الذي ماتَتْ بهِ بَعْدَها سُمّا

يقول: السرور حرام علي فإنني بعد موتها بالسرور أعده سماً فأتجنبه و أحرمه على نفسي.

تَعَجَّبُ مِنْ لَفْظي وخَطّي كأنّما ........ ترَى بحُرُوفِ السّطرِ أغرِبةً عُصْمَا

ــ تعجب: أي تتعجب.

ــ أغربة: جمع غراب.

ــ العصم: جمع أعصم , وهو الغراب الذي في جناحه بياض , وهو نادر الوجود.

قال التبريزي: إنها كانت تتعجب من كتابي عند رؤيته حتى كأنها تنظر على مالا يوجد , كالغراب الأعصم و وجه تعجبها أنه سافر عنها حتى يئست منه , فلما نظرت إلى كتابه أكثرت النظر شغفاً به لا عجباً حقيقة.

قال ابن جني: شبه البياض الذي بين الأسطر بالبياض في الغراب الأعصم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير