يقول: ولا أسلك طريقاً إلا قلب غبار الحرب , ولا أستلذ طعم شيء إلا طعم المكارم.
يَقُولونَ لي ما أنتَ في كلّ بَلدَةٍ ......... وما تَبتَغي؟ ما أبتَغي جَلّ أن يُسْمى
يقول: يقول الناس لي لما يرون من كثرة أسفاري: أي شيء أنت فإنا نراك في كل بلدة وما الذي تطلبه؟ فأقول لهم: إن ما أطلبه أجل من أن يذكر أسمه , يعني قتل الملوك والاستيلاء على ملكهم.
كأنّ بَنيهِمْ عالِمُونَ بِأنَّنِي ............. جَلُوبٌ إلَيهِمْ منْ مَعادِنه اليُتْمَا
يقول: إن أبناء هؤلاء الذين يسألون عن حالي وسفري كأنهم يعلمون أني أجلب إليهم اليتم وأصيرهم يتامى بقتل آبائهم: أي فهم لذلك يبغضوني.
وما الجَمْعُ بَينَ الماءِ والنّارِ في يدي ......... بأصعَبَ من أنْ أجمَعَ الجَدّ والفَهمَا
ــ الجد: الحظ و البخت.
يقول: إن الفهم و العلم و العقل لا تجتمع مع الحظ في الدنيا , و ليس الجمع بين الضدين كالماء و النار بأصعب من الجمع بين الحظ و الفهم: أي فهما لا يجتمعان كما لا يجتمع الضدان.
ولكِنّني مُسْتَنْصِرٌ بذُبَابِهِ ........... ومُرْتكِبٌ في كلّ حالٍ به الغَشمَا
ـــ بذبابه: أي بذباب السيف , وإن لم يتقدم له ذكر , لدلالة المقام. و ذباب السيف:حده.
ــ الغشم: الظلم.
يقول: لكنني إن لم اقدر على الجمع بين الجد و الفهم أطلب النصرة بذباب السيف و أركب الظلم في كل حال , يعني أظلم أعدائي بسيفي.
وجاعِلُهُ يَوْمَ اللّقاءِ تَحِيّتي ......... وإلاّ فلَسْتُ السيّدَ البَطَلَ القَرْمَا
ــ القرم: في الأصل: البعير الذي لا يحمل عليه و إنما يعد للفحلة. وهو هنا السيد.
يقول: و أحييّ أعدائي يوم الحرب بسيفي: أي أجعله لهم بدل التحية.
إذا فَلّ عَزْمي عن مدًى خوْفُ بُعده ......... فأبْعَدُ شيءٍ ممكنٌ لم يَجِدْ عزْمَا
يقول: إذا أضعف عزمي عن غاية خوف بعد تلك الغاية فإن الممكن وجوده لا ينال أيضاً إذا لم يكن لدى طالبه عزم.
وإنّي لَمِنْ قَوْمٍ كأنّ نُفُوسَنا ........ بها أنَفٌ أن تسكنَ اللّحمَ والعَظمَا
ــ الأنف: الاستنكاف من الشيء.
يقول: إني من قوم ديدنهم التعرض أبداً للحرب ليقتلوا , فكأن نفوسنا ترى السكنى في أجساد هي لحم وعظم عاراً تأنف منه , ومن ثم تتطلع لسكنى غيرها لتتخلص من هذا العار: أي تختار القتل على الحياة.
كذا أنَا يا دُنْيا إذا شِئْتِ فاذْهَبي ......... ويا نَفسِ زيدي في كرائهِها قُدْمَا
ــ الكرائه: جمع كريهة.
يقول ــ للدنيا ــ: أنا كما وصفت نفسي لا أقبل ضيماً ولا أسف لدنية فاذهبي عني إن شئت فلست أبالي بك , ويا نفس زيدي قدماً ــ أي تقدماً ــ فيما تكرهه الدنيا من التعزز و التعظم عليها وترك الانقياد لها.
فلا عَبَرَتْ بي ساعَةٌ لا تُعِزّني ......... ولا صَحِبَتْني مُهجَةٌ تقبلُ الظُّلْمَا
يقول: لا مرت بي ساعة ــ لحظة ــ لا أكون فيها عزيزاً , ولا صحبتني نفس تقبل أن يظلمها أحد.
المصدر: شرح ديوان المتنبي لـ (عبدالرحمن البرقوقي). دار الكتاب العربي.
و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[18 - 09 - 2006, 10:24 ص]ـ
لابد أن ننتبه إلى مجموعة من القضايا الأسلوبية في هذه القصيدة:
- كثرة حروف المد والهمس معا.
- كثرة الطباق والمقابلة.
- كثرة ورود حرف الحاء.
- استعانة الشاعر بفن الالتفات؛ حيث تنوعت ذات الشاعر بين المتكلمة والغائبة والمخاطبة، وربط ذلك بالمناسبة، وبقوله:
كذا أنا يا دنيا إذا شئت فاذهبي ...
- اسناد الفعل (تغرب) إلى ضمير الغائب.
- وكذلك لا ننسى المقارنة بين عاطفتي الشاعر في الرثاء والفخر.
ـ[متعصب للمتنبي]ــــــــ[19 - 09 - 2006, 02:35 ص]ـ
شكراً يا أبا ذكرى
ـ[قلب الأسد]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 03:08 م]ـ
أشكر " متعصب للمتنبي " على هذا الشرح للقصيدة. كما أنا من محبين المتنبي
ـ[أبو اليسر]ــــــــ[22 - 09 - 2006, 12:38 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما السبب الثاني: أريد أن أهدي هذا الموضوع للعضو (أبو اليسر) و أقول له: يا أبا اليسر لقد قدّر الله أن أحبك في الله.
أخي وحبيبي في الله (متعصب للمتنبي)
أحبك الله الذي أحببتني فيه،،
ما أسعدني، بهذه الأخوة والمحبة،،
وساءني،، أنني تأخرت في تلقي الهدية الغالية منك،
وذلك لعدم دخولي المنتدى في الأيام الأخيرة، إلا من خلال رسائل الرد على
المشاركات عبر البريد الإلكتروني،، لمشاغل في العمل وشئون الأسرة،،
أعاننا الله وإياكم،،
وفوجئت اليوم،، وقبل كتابة هذه الكلمات مباشرة، وعبر المرور السريع على
منتدى الأدب العربي أن إسمي (معرفي) مذكور في أحد العناوين،،
وإذا بي، آخر من يعلم!!!
فأرجو أن تقابل إعتذاري بالقبول،، الذي قبلت به هديتك الغالية،،
وفي الحقيقة هما هديتان،، أغلاهما إعلان المحبة في الله،،
جعلني الله عند حسن ظنك،،
وجمعني وإياك وجميع أحبابنا،،
على طاعته في الدنيا، وفي جنات نعيمه في الآخرة،،
أخوك، ومحبك في الله /
أبو اليسر
¥