في أرض افرنسة القصوى لها أثر = قد زاده الدهر إيضاحاً وتبيينا
داست حوافرها ثلجا كما وطئت = رملاً وخاضت عباباً في مغازينا
كسرى وقيصر قد فرّت جيوشهما = للمرزبان و للبطريق شاكينا
حيث العمامة بالتيجان مرزيةٌ = من يوم يرموك حتى يوم حطينا
وللعروش طواف بالسرير إذا = قام الخليفة يعطي الناس تأمينا
بعد الخلافة ضاعت أرض أندلس = وما وفى العرب الدنيا ولا الدينا
الملك أصبح دعوى في طوائفهم = واستمسكوا بعرى اللذات غاوينا
وكل طائفة قد بايعت ملكاً = لم يلفى من غارة الإسبان تحصينا
وهكذا يفقد السلطان هيبةُ = إن أكثر الناس بالفوضى السلاطينا
تلك المساجد صارت للعِدا بيعاً = بعد الأئمة لا تهوي الرهابينا
هل ترجعنّ لنا يا عهد قرطبةٍ؟ = فكيف نبكي وقد جفّت مآقينا
ما كان أعظمها للملك عاصمةً = وكان أكثرها للعلم تلقينا
لم يبق منها ومن ملك ومن دول = إلا رسوماً وأطياف تباكينا
والدهر مازال في آثار نعمتها = يروي حديثاً به يشجو آعادينا
أين الملوك بنو مروان ساستها = يصحون قاضينا أو يمسون غازينا
وأين أبناء عبّاد و رونقه؟ = وهم آواخر نورٍ في دياجينا
يا أيها المسجد العاني بقرطبةٍ = هلاّ تذكرك الأجراس تأذينا؟
تلك القصور من الزهراء طامسةٌ = وبالتذّكر نبنيها فتبنينا
على الممالك منها أشرفت شُرفٌ = والملك يعشق تشييداً وتزيينا
وعبد رحمانها يلهو بزخرفها = والفنّ يجمع فيها الهند والصينا
كانت حقيقة سلطان ومقدرةٌ = فأصبحت في البلى وهماً وتخمينا
عمائم العُرب الأمجاد مابرحت = على المطارف بالتمثيل تصبينا
وفي المحاريب أشباح تلوح لنا = وفي المنابر أصوات تنادينا
يابرق طالع قصوراً أهلها رحلوا = وحي أجداث أبطالٍ مُنِخينا
أهكذا كانت الحمراء مُوحشةً؟ = إذ كنت ترقب أفواج المغنينا
وللبرود حفيف فوق مرمرها = وقد تضوّع منها مسك دارينا
ويا غمام افتقد جنّات مرسية = ورّد من زهرها ورداً ونسرينا
وأمطر النخل والزيتون غاديةً = والتوت والكرم و الرمان والتينا
أوصيك خيراً بأشجار مباركةٍ = لأنها كلها من غرس أيدينا
كنّا الملوك وكان الكون مملكةً = فكيف بتنا المماليك المساكينا؟
وفي رقاب العدى انفلّت صوارمنا = واليوم قد نزعوا منّا السكاكينا
حقيقة من أجمل ما قرأت في رثاء الأوطان والبلدان:)
احترامي لك يا أستاذ عبدالرحمن
وتشكر على هذا النقل المفيد:)
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:15 ص]ـ
حياك الله وبياك أخي الكريم قريع دهره،
وشكرا لك على نقل قصيدة أبي الفضل فهي بحق رائعة وأنا ما كنت أعرفها.
بارك الله فيك.
عبدالرحمن.
ـ[المها]ــــــــ[17 - 11 - 2006, 11:18 م]ـ
اه لكم تثير فينا هذه الكلمات الحسرة اكثر مما تبث فينا الحنين .. كان مجدا واضعناه .... لا مجد لنا الأن لنتفاخر به فلنتحسر على فردوسنا المفقود الى ان نجد فردوسا اخر نتلذذ بذكره