تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تَجَمَّعَت فِرَقُ الأَحلافِ وَاِقتَسَمَت=بِناءَهُ عَن تَراضٍ خَيرَ مُقتَسَمِ

حَتّى إِذا بَلَغَ البُنيانُ غايَتَهُ=مِن مَوضِعِ الرُّكنِ بَعدَ الكَدِّ وَالجشَمِ

تَسابَقوا طَلَباً لِلأَجرِ وَاِختَصَمُوا=فِيمَن يَشُدُّ بِناهُ كُلَّ مُختَصَمِ

وَأَقسَمَ القَومُ أَن لا صُلحَ يَعصِمُهُم=مِن اقتِحامِ المَنايا أَيّما قَسَمِ

وَأَدخَلوا حينَ جَدَّ الأَمرُ أَيدِيَهُم=لِلشَرِّ في جَفنَةٍ مَملُوءَةٍ بِدَمِ

فَقالَ ذُو رَأيِهِم لا تَعجَلُوا وَخُذُوا=بِالحَزم فَهوَ الَّذي يَشفِي مِنَ الحَزَمِ

لِيَرضَ كُلُّ امرِئٍ مِنّا بِأَوَّلِ مَن=يَأتي فَيَقسِطُ فِينا قِسطَ مُحتَكِمِ

فَكانَ أَوَّلَ آتٍ بَعدَما اِتَّفَقُوا=مُحَمَّدٌ وَهوَ في الخَيراتِ ذُو قَدَمِ

فَقالَ كُلٌّ رَضينا بِالأَمينِ عَلَى= ِلمٍ فَأَكرِم بِهِ مِن عادِلٍ حَكَمِ

فَأَعلَمُوهُ بِما قَد كانَ وَاِحتَكَمُوا=إِلَيهِ في حَلِّ هَذا المُشكِلِ العَمَمِ

فَمَدَّ ثَوباً وَحَطَّ الرُّكنَ في وَسَطٍ=مِنهُ وَقالَ اِرفَعُوهُ جانِبَ الرَّضَمِ

فَنالَ كُلُّ امرِئٍ حَظّاً بِما حَمَلَت=يَداهُ مِنهُ وَلَم يَعتِب عَلى القِسَمِ

حَتّى إِذا اِقتَرَبوا تِلقاءَ مَوضِعِهِ=مِن جانب البَيتِ ذي الأَركان وَالدّعمِ

مَدَّ الرَّسُولُ يَداً مِنهُ مُبارَكَةً=بَنَتهُ في صَدَفٍ مِن باذِخٍ سَنِمِ

فَليَزدَدِ الرُّكنُ تِيهاً حَيثُ نالَ بِهِ=فَخراً أَقامَ لَهُ الدُّنيا عَلَى قَدَمِ

لَو لَم تَكُن يَدُهُ مَسَّتهُ حِينَ بَنَى=ما كانَ أَصبَحَ مَلثُوماً بِكُلِّ فَمِ

يا لَيتَنِي وَالأَمانِي رُبَّما صَدَقَت=أَحظى بِمُعتَنَقٍ مِنهُ وَمُلتَزَمِ

يا حَبَّذا صِبغَةٌ مِن حُسنِهِ أَخَذَت=مِنها الشَّبِيبَةُ لَونَ العُذرِ وَاللمَمِ

كَالخالِ في وَجنَةٍ زِيدَت مَحاسِنُها=بِنُقطَةٍ مِنهُ أَضعافاً مِنَ القِيَمِ

وَكَيفَ لا يَفخَرُ البَيتُ العَتيقُ بِهِ=وَقَد بَنَتهُ يَدٌ فَيّاضَةُ النِّعَمِ

أَكرِم بِهِ وازِعاً لَولا هِدايَتُهُ=لَم يَظهَرِ العَدلُ في أَرضٍ وَلَم يَقُمِ

هَذا الَّذي عَصَمَ اللَّهُ الأَنامَ بِهِ=مِن كُلِّ هَولٍ مِنَ الأَهوالِ مُختَرِمِ

وَحِينَ أَدرَكَ سِنَّ الأَربَعينَ وَما=مِن قَبلِهِ مَبلَغٌ لِلعِلمِ وَالحِكَمِ

حَباهُ ذُو العَرشِ بُرهاناً أَراهُ بِهِ=آيات حِكمَتِهِ في عالَمِ الحُلُمِ

فَكانَ يَمضي لِيَرعى أُنسَ وَحشَتِهِ=في شاسِعٍ ما بِهِ لِلخَلقِ مِن أَرَمِ

فَما يمُرُّ عَلى صَخرٍ وَلا شَجَرٍ=إِلّا وَحَيّاهُ بِالتَّسليمِ مِن أَمَمِ

حَتّى إِذا حانَ أَمرُ الغَيبِ وَاِنحَسَرَت=أَستارُهُ عَن ضَميرِ اللَوحِ وَالقَلَمِ

نادى بِدَعوَتِهِ جَهراً فَأَسمَعَها=في كُلِّ ناحِيةٍ مَن كانَ ذا صَمَمِ

فَكانَ أَوَّلُ مَن في الدِّين تابَعَهُ=خَدِيجَةٌ وَعَلِيٌّ ثابِتُ القَدَمِ

ثُمَّ اِستَجابَت رِجالٌ دُونَ أُسرَتِهِ=وَفي الأَباعِدِ ما يُغني عَنِ الرَّحِمِ

وَمَن أَرادَ بِهِ الرَّحمنُ مَكرُمَةً=هَداهُ لِلرُّشدِ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ

ثُمَّ اِستَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ مُعتَزِماً=يَدعُو إلى رَبِّهِ في كُلِّ مُلتَأَمِ

وَالنّاسُ مِنهُم رَشيدٌ يَستَجِيبُ لَهُ=طَوعاً وَمِنهُم غَوِيٌّ غَيرُ مُحتَشِمِ

حَتّى اِستَرابَت قُرَيشٌ وَاِستَبَدَّ بِها=جَهلٌ تَرَدَّت بِهِ في مارِجٍ ضَرِمِ

وَعَذَّبوا أَهلَ دِينِ اللَّهِ وَاِنتَهَكوا=مَحارِماً أَعقَبَتهُم لَهفَةَ النَّدَمِ

وَقامَ يَدعُو أَبو جَهلٍ عَشِيرَتَهُ=إِلى الضَّلالِ وَلَم يَجنَح إِلى سَلَمِ

يُبدِي خِدَاعاً ويُخفِي ما تَضَمَّنَهُ=ضَمِيرُهُ مِن غَراةِ الحِقد وَالسَّدَمِ

لا يَسلَمُ القَلبُ مِن غِلٍّ أَلَمَّ بِهِ=يَنقى الأَدِيمُ وَيَبقى مَوضِعُ الحَلَمِ

وَالحِقدُ كَالنّارِ إِن أَخفَيتَهُ ظَهَرَت=مِنهُ عَلائِمُ فَوقَ الوَجهِ كَالحُمَمِ

لا يُبصِرُ الحَقَّ مَن جَهلٌ أَحاطَ بِهِ=وَكَيفَ يُبصِرُ نُورَ الحَقِّ وَهوَ عَمِ

كُلُّ امرِئٍ وَاجِدٌ ما قَدَّمَت يَدُهُ=إِذا اِستَوى قائِماً مِن هُوَّةِ الأَدَمِ

وَالخَيرُ وَالشَّرُّ في الدُّنيا مُكافَأَةٌ=وَالنَّفسُ مَسؤولَةٌ عَن كُلِّ مُجتَرَمِ

فَلا يَنَم ظالِمٌ عَمّا جَنَت يَدُهُ=عَلى العِبادِ فَعَينُ اللَّهِ لَم تَنَمِ

وَلَم يَزَل أَهلُ دِين اللَّهِ في نَصَبٍ=مِمّا يُلاقُونَ مِن كَربٍ وَمِن زَأَمِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير