تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حَتّى إِذا لَم يَعُد في الأَمر مَنزَعَةٌ=وَأَصبَحَ الشَّرُّ جَهراً غَيرَ مُنكَتِمِ

سارُوا إِلى الهِجرَةِ الأُولى وَما قَصَدوا=غَيرَ النَّجاشِيِّ مَلكاً صادِقَ الذِّمَمِ

فَأَصبَحُوا عِندَهُ في ظِلِّ مَملَكَةٍ=حَصِينَةٍ وذِمامٍ غَيرِ مُنجَذِمِ

مَن أَنكَرَ الضَّيمَ لَم يَأنَس بِصُحبَتِهِ=وَمَن أَحاطَت بِهِ الأَهوالُ لَم يُقِمِ

وَمُذ رَأى المُشرِكون الدّين قَد وضَحَت=سَماؤُهُ وَاِنجَلَت عَن صِمَّةِ الصِّمَمِ

تَأَلَّبُوا رَغبَةً في الشَّرِّ وَائتَمَرُوا=عَلى الصَّحيفَةِ مِن غَيظٍ وَمِن وَغَمِ

صَحِيفَةٌ وَسَمَت بِالغَدرِ أَوجُهَهُم=وَالغَدرُ يَعلَقُ بِالأَعراضِ كَالدَّسَمِ

فَكَشَّفَ اللَّهُ مِنها غُمَّةً نَزَلَت=بِالمُؤمِنينَ وَرَبِّي كاشِفُ الغُمَمِ

مَن أَضمَرَ السُّوءَ جازاهُ الإِلَهُ بِهِ=وَمَن رَعى البَغيَ لَم يَسلَم مِنَ النِقَمِ

كَفى الطُّفَيلَ بنَ عَمرٍو لُمعَةٌ ظَهَرَت=فِي سَوطِهِ فَأَنارَت سُدفَةَ القَتَمِ

هَدى بِها اللَّهُ دَوساً مِن ضَلالَتِها=فَتابَعَت أَمرَ داعِيها وَلَم تَهِمِ

وَفِي الإِراشِيِّ لِلأَقوامِ مُعتَبَرٌ=إِذ جاءَ مَكَّةَ فِي ذَودٍ مِنَ النّعَمِ

فَباعَها مِن أَبي جَهلٍ فَماطَلَهُ=بِحَقِّهِ وَتَمادى غَيرَ مُحتَشِمِ

فَجاءَ مُنتَصِراً يَشكُو ظُلامَتَهُ=إِلى النَّبِيِّ ونِعمَ العَونُ في الإِزَمِ

فَقامَ مُبتَدِراً يَسعى لِنُصرَتِهِ=وَنُصرَةُ الحَقِّ شَأنُ المَرءِ ذِي الهِمَمِ

فَدَقَّ بابَ أَبي جَهلٍ فَجاءَ لَهُ=طَوعاً يَجُرُّ عِنانَ الخائِفِ الزَّرِمِ

فَحِينَ لاقى رَسُولَ اللَّهِ لاحَ لَهُ=فَحلٌ يَحُدُّ إِلَيهِ النابَ مِن أَطَمِ

فَهالَهُ ما رَأى فَاِرتَدَّ مُنزَعِجاً=وَعادَ بِالنَّقدِ بَعدَ المَطلِ عَن رَغَمِ

أَتِلكَ أَم حِينَ نادى سَرحَةً فَأَتَت=إِلَيهِ مَنشُورَةَ الأَغصانِ كَالجُمَمِ

حَنَت عَلَيهِ حُنُوَّ الأُمِّ مِن شَفَقٍ=وَرَفرَفَت فَوقَ ذاكَ الحُسنِ مِن رَخَمِ

جاءَتهُ طَوعاً وَعادَت حينَ قالَ لَها=عُودِي وَلو خُلِّيت لِلشَّوقِ لَم تَرِمِ

وَحَبَّذا لَيلَةُ الإِسراءِ حِينَ سَرى=لَيلاً إِلى المَسجِدِ الأَقصى بِلا أَتَمِ

رَأَى بِهِ مِن كِرامِ الرُّسلِ طائِفَةً=فَأَمَّهُم ثُمَّ صَلَّى خاشِعاً بِهِمِ

بَل حَبَّذا نَهضَةُ المِعراجِ حينَ سَما=بِهِ إِلى مَشهَدٍ في العزِّ لَم يُرَمِ

سَما إِلى الفَلَك الأَعلى فَنالَ بِهِ=قَدراً يَجِلُّ عَن التَّشبيهِ في العِظَمِ

وَسارَ في سُبُحاتِ النُّورِ مُرتَقِياً=إِلى مَدارِجَ أَعيَت كُلَّ مُعتَزِمِ

وَفازَ بِالجَوهَرِ المَكنونِ مِن كَلِمٍ=لَيسَت إِذا قُرِنَت بِالوَصفِ كَالكَلِمِ

سِرٌّ تَحارُ بِهِ الأَلبابُ قاصِرَةً=وَنِعمَةٌ لَم تَكُن في الدَّهرِ كَالنِّعَمِ

هَيهاتَ يَبلُغُ فَهمٌ كُنهَ ما بَلَغَت=قُرباهُ مِنهُ وَقَد ناجاهُ مِن أَمَمِ

فَيا لَها وصلَةً نالَ الحَبيبُ بِها=ما لَم يَنَلهُ مِنَ التَّكريمِ ذُو نَسَمِ

فاقَت جَميعَ اللَّيالي فَهيَ زاهِرَةٌ=بِحُسنِها كَزُهُورِ النّارِ في العَلَمِ

هَذا وَقَد فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ عَلى=عِبادِهِ وَهَداهُم واضِحَ اللَّقَمِ

فَسارَعُوا نَحوَ دِينِ اللَّهِ وَاِنتَصَبُوا=إِلى العِبادَةِ لا يَألُونَ مِن سَأَمِ

وَلَم يَزَل سَيِّدُ الكَونَينِ مُنتَصِباً=لِدَعوَةِ الدِّين لَم يَفتر وَلَم يَجِمِ

يَستَقبِلُ النّاسَ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ=وَيَنشُرُ الدِّينَ في سَهلٍ وَفي عَلَمِ

حَتّى اِستَجابَت لَهُ الأَنصارُ وَاِعتَصَمُوا=بِحَبلِهِ عَن تَراضٍ خَيرَ مُعتَصمِ

فَاِستَكمَلَت بِهِمُ الدُنيا نَضارَتَها=وَأَصبَحَ الدينُ في جَمعٍ بِهِم تَمَمِ

قَومٌ أَقَرُّوا عِمادَ الحَقِّ وَاِصطَلَمُوا=بِيَأسِهِم كُلَّ جَبّارٍ وَمُصطَلِمِ

فَكَم بِهِم أَشرَقَت أَستارُ داجِيَةٍ=وَكَم بِهِم خَمَدَت أَنفاسُ مُختَصِمِ

فَحينَ وافى قُرَيشاً ذِكرُ بَيعَتِهِم=ثارُوا إِلى الشَّرِّ فِعلَ الجاهِلِ العَرِمِ

وَبادَهُوا أَهلَ دِينِ اللَهِ وَاِهتَضَمُوا=حُقُوقَهُم بِالتَّمادِي شَرَّ مُهتَضَمِ

فَكَم تَرى مِن أَسيرٍ لا حِراكَ بِهِ=وَشارِدٍ سارَ مِن فَجٍّ إِلى أَكَمِ

فَهاجَرَ الصَّحبُ إِذ قالَ الرَّسُولُ لَهُم=سيرُوا إِلى طَيبَةَ المَرعِيَّةِ الحُرَمِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير