تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والأدلة على وجود النسخ عندهم كثيرة منها: قضية الختان ففي أحد أناجيلهم أن عيسى صعد إلى الجبل واختتن بعد نبوته فهي ثابتة عندهم، وأصل الاختتان سنة إبراهيم، ففي سفر التكوين (17: 10 ـ 14): (. 10 هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، 11 فَتُخْتَنُونَ فيِ لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12 اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فيِ أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ، وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13 يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ، فَيَكُونُ عَهْدِي فيِ لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. 14 وَأَمَّا الذَّكَرُ الْأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فيِ لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي»).

وعيسى اختتن بناء على سنة إبراهيم, فقد جاء في أنجيل لوقا: (2: 21): (2 21 وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ)، وفي إنجيل يوحنا (7: 19 ـ 24): (19 أَلَيْسَ مُوسَى قَدْ أَعْطَاكُمُ النَّامُوسَ؟ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَعْمَلُ النَّامُوسَ! لِمَاذَا تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي؟» 20 أَجَابَ الْجَمْعُ وَقَالُوا: «بِكَ شَيْطَانٌ. مَنْ يَطْلُبُ أَنْ يَقْتُلَكَ؟». 21 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «عَمَلاً وَاحِدًا عَمِلْتُ فَتَتَعَجَّبُونَ جَمِيعًا. 22 لِهذَا أَعْطَاكُمْ مُوسَى الْخِتَانَ، لَيْسَ أَنَّهُ مِنْ مُوسَى، بَلْ مِنَ الآبَاءِ. فَفِي السَّبْتِ تَخْتِنُونَ الْإِنْسَانَ. 23 فَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ يَقْبَلُ الْخِتَانَ فيِ السَّبْتِ، لِئَلاَّ يُنْقَضَ نَامُوسُ مُوسَى، أَفَتَسْخَطُونَ عَلَيَّ لِأَنِّي شَفَيْتُ إِنْسَانًا كُلَّهُ فيِ السَّبْتِ؟ 24 لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً».

والآن النصارى لا يختتنون ولو سألت أحبارهم فالقليل منهم من يقول بجوازه, أما الذي أبطله من النصارى فهو (بولس)، قال إلى أهل غلاطية (5: 2 ـ 6) (. 2 هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا! 3 ل?كِنْ أَشْهَدُ أَيْضًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. 4 قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5 فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الْإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6 لِأَنَّهُ فيِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ)

فترك النصارى للختان هو صورة من صور النسخ، بل هذا المثال من أشنعه لأن الذي نسخ الختان إنما حرَّف سنة الله التي فطر الناس عليها، وتفصيل هذا في غير هذا المقام.

• قول السيوطي: (لا يقع النسخ إلا في الأمر والنهي)

يشير السيوطي بقوله هذا إلى النسخ الأصولي أي ردّ حكم شرعي بحكم شرعي؛ ولذا قال: الأخبار لا يدخلها النسخ, وهذه القاعدة أن الأخبار لا تنسخ قاعدة صحيحة لكن نقول النسخ على نوعين: نسخ كلي ونسخ جزئي, فالنسخ الكلي هو الذي تنطبق عليه هذه القاعدة وهو الذي يقع في الأحكام, أما النسخ الجزئي فهو رفع جزء من حكم الآية أو خبرها, فالنسخ الجزئي يدخل في الأخبار، ومثاله: قول ابن عباس عند قوله: ?وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ? (الشعراء:224) قال: نسخها قوله: ?إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ?، ولو طبقنا قاعدة السيوطي (بأن الأخبار لا تنسخ)، فإنا سنقول: إن ابن عباس أخطأ في القول بالنسخ في هذه الآية, وهذا أمر مشكل، إذ ليس ابن عباس وحده ممن يقول بنسخ الأخبار، بل هو قول عامة مفسري السلف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير