ومع هذا فان هذا الجانب ليس مغفولا عنه كما زعم الكاتب الفاضل بل كتب الامام ابو الحسن الحرالي كتابا كبيرا في معاني الحروف الهجائية وهو مخطوط فيما اعلم وعندي منه نسخة وانا اخالف ما ذهب اليه هذا الامام لان الحروف الهجائية ليس لها في اللغة العربية ولا في اي لغة معنى ولم يثبت في اللغة هذا المدعى على الاطلاق وما جاء به من يريد ان يجعل لها معاني منعزلة فما هو الا من باب التكلف او مما يمكن ان يكتسبه الحرف من الكلام الذي يقع فيه اما انه ابتداء معنى لهذا الحرف فلا
كتاب الحراني لم أطلع عليه، وقد يكون انطلاقه من وجهة تصوف أو غيرها
والمعاني التي نشرتها لا يستطيع أحد أن يستعملها إلا إذا تدرب عليها، وأعلم أن مجرد النشر لا فائدة له الآن لكن سيكون له أثر كبير لمن يريد تعلمه هذا العلم
فمثلا مادة "كتب" والتي منها فعل "كتب" وله نفس حروف الجذر
ونقل د. جمال أو أحد الأخوة بجانب حروفها معاني الحروف.
ك: الكاف للرجوع.
ت: التاء للتراجع.
ب: للظهور والخروج.
لمن لا يعرفها سيعدها طلاسم
لكن عند تدبر استعمالها
نجد؛
أن ما نكتبه هو ما نريد الرجوع إليه فيما بعد؛ لقراءته، لدراسته، لحفظه، للاستشهاد به، لجعله دليلا، أو شهادة لصاحبه، أو ................
فحرف الكاف وهو وجه الجذر والفعل معًا بين هدف هذا العمل؛ وهو الرجوع لهذا المكتوب.
ونجد؛
أن ما نعلمه أو نسمعه أو نقرأه او نحفظه إذا طال عليه الزمن؛ إما أن ننساه، أو لا نذكره بكل تفاصيله؛ فذاكرة الإنسان للمحفوظ في الذهن تتراجع، ومنع هذا التراجع هو بالكتابة حتى لا يضيع ما نريد حفظه.
ولما كانت التاء محصورة في الوسط؛ فقد انحصر فعلها، فأصبح معناها من التراجع إلى حصر التراجع.
فقام معنى التاء دوره في بيان الهدف من عملية الكتابة حتى لا يكون هناك نسيان، أو ضياع بعض ما علم.
ونجد؛
أن المكتوب لا يمكن الانتفاع به بعد كتابته إلا بإخراجه وإظهاره.
وهذا الإظهار، يستمر وتتعدد مراته؛ كلما كان لنا حاجة في هذا المكتوب.
لذلك جاءت الباء متأخرة لتأخر الإظهار بعد الكتابة بزمن، وحفظ هذا المكتوب، وأن هذا الظهور والإخراج للمكتوب، متكرر ومستمر
والحرف الأخير له بالإضافة إلى معناه صفة الاستقرار والدوام
فبين معنى الباء إظهار المكتوب واستمرار عملية الإظهار وتكررها كما دعت الحاجة لذلك.
أرجو ان يكون هذا التوضيح لفعل "كتب" بين وواضع ومقنع.
فكل جذر يحتاج إلى معايشة وطول تأمل وتدبر؛ لتفهم استعماله، وكيف تفسره بمعاني حروفه.
واما علم الرسم والاهتمام به فهو شيء موجود وكتب القراءات والرسم تشهد بان هذا ليس مما غفل عنه المتقدمون لكن كثيرا من المتقدمين ينازع في كون ما اراده الباحث وبعض المتقدمين يستحق العناية لان الرسم اصطلاح وليس بتوقيف والزعم بان له معاني مستنبطة هو خلاف المعهود
وانا لا اقدس القديم لكن لست ممن يحبون الهجوم على التراث وكتبه كما فعل المعقب الاول لهذه المقاله المشار اليها غفر الله له
هذا بعض ما لزم وفي الجعبة شيء كثير
أخي الكريم
الأمة كلها معرضة عن فهم أسباب الرسم القرآني
واعتبرته من اجتهاد الصحابة وقد وفقوا بهذا الاجتهاد
وأنه لأجل صلاحيته لجميع القراءات
وأن الوحيد الذي كان جادًا في دراسته لمعرفة أسبابه
هو أبو العباس المراكشي؛ المشهور بابن البناء، وله كتاب في ذلك؛ عنوان الدليل في مرسوم التنزيل.
وعلل معظم الأمور فيه على أن هناك أمور ملكية أرضية معروفة فيثبت لذلك الحرف وخاصة الألف.
وأمور سماوية ملكوتية نجهلها أو لا نعرف تفاصيها فأسقط حرف الألف من الكلمة لذلك.
ورسالة ماجستير للدكتور غانم قدري الحمد بعنوان: رسم المصحف دراسة تايخية ولغوية
واستنتج الدكتور غانم أن الكتابة في عهد النبوة كانت فيها طريقتان؛ طريقة قديمة للكتابة، وطريقة حديث تشق طريقها في الكتابة؛
فبعض الكلمات كتبت بالطريق القديمة، وكتبت في مواضع أخرى بالطريق الحديث
وعلم معاني الرسم القرآني عندي
لا مع هذا ولا مع هذا
وقد ألتقي مع المراكشي في مسائل وليس في المنهج.
وأشكر للدكتور جمال هذا المرور وهذا التعليق وأرجو أن يتابعنا لنستفيد من رأيه.
ـ[العرابلي]ــــــــ[19 Aug 2008, 03:35 م]ـ
عزيزي الباحث الكبير عبد المجيد العرابلسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا وزادك علما وفضلا ونورا وهدى
لقد أحسنت إذ استنبطت
ولقد دريت إذ تأملت وفكرت
فامض لتكمل ما بدأت فهو إن شاء الله من البحث العلمي المجرد
ولهو خير للأمة من غثاء مكتبة التراث المليئة باستنساخ المتون والأقضية والفتاوى التي أفتى بها المتقدمون من عاصرهم واطلعوا على حاله وملابساته ولم يفتوا بها القرون اللاحقة التي لم يحضروها ..
أخي ولأنا من طلبة العلم أعلن تزكيتي ما استنبطته من فقه اللغة الذي لن يسع أحدا دراية معاني القرآن قبل الاستعانة به
فجزاك الله خيرا بأحسن الجزاء عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أشكر لك أخي الكريم على ما تفضلت به
وبارك الله فيك وأحسن الله إليك
وأرجو أن لا يكون لومك لتقصير المتأخرين هو سبيل للنيل والتقليل من جهود سلف هذه الأمة ... فنحن نتعلم منهم في خدمة هذا الدين ورفع شأنه والاعتماد عليه فإن فتح علينا مما يسره الله لنا
يبقى لهم فضل الأسبقية وحفظ الدين حتى وصلنا فلولا جهودهم لتغير حالنا
وهم يشاركوننا في الأجر
فنسأل الله تعالى أن نكون ممن يدعون لإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان
وجزاك الله بكل خير.
¥