تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

اعلم أن إجماع هذه الأمة موجب للعلم قطعاً كرامة لهم على الدين لا لانقطاع توهم اجتماعهم على الضلالة بمعنى معقول، فاليهود والنصارى والمجوس أكثر منا عددا وقد وجد منهم الاجتماع على الضلالة، وللأن الاتفاق قد يتحقق من الخلف على وجه المتابعة للآباء من غير حجة كما أخبر الله عن الكفرة بقوله: ((إنا وجدنا آباءنا على أمة)) وقال تعالى: ((اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله)) فعرفنا أنه إنما جعل اجتماع هذه الأمة حجة شرعا كرامة لهم على الدين.

هذا هو مذهب الفقهاء وأكثر المتكلمين.

وقال النظام وقوم من الإمامية: لايكون الاجماع حجة موجبة للعلم بحال لأنه ليس فيه إلا اجتماع الأفراد وإذا كان قول كل فرد منهم غير موجب للعلم لكونه غير معصوم من الخطأ فكذلك أقاويلهم لأن توهم الخطأ لا بنعدم بالاجتماع ....................

((ثم ناقشهم ورد مزاعمهم))

وتابع قائلا:

: ((ثم الدليل على أن الإجماع من هذه الأمة حجة موجبة شرعاً وأنهم إذا اجتمعوا في شيء فالحق لايعدوهم أصلاً الكتاب والسنة:

أما الكتاب: فقوله تعالى: ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)) ...

وكلمة ((خير)) بمعنى أفعل فيدل على النهاية في الخيرية، وذلك دليل على أن النهاية في الخيرية فيما يجتمعون عليه، ثم فسر ذلك بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وإنماجعلهم خير أمة بهذا، والمعروف المطلق ما هو عند الله، فأما ما يؤدي إليه اجتهاد المجتهد فإنه غير معروف مطلقاً؛ إذ المجتهد يخطيء ويصيب، ولكنه معروف في حقه على معنى أنه يلزمه العمل به مالم يتبين له خطؤه، ففي هذا بيان أن المعروف المطلق ما يجتمعون عليه ..... ))

ثم يناقش ما قد يرد عليه من اعتراض ويفنده

ثم يقول:

((وقال تعالى: ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ..... الآية)). فقد جعل الله اتباع غير سبيل المؤمنين بمنزلة مشاقة الرسول في استيجاب النار ثم قول الرسول موجب للعلم قطعاً فكذلك ما اجتمع عليه المؤمنون، ولا يجوز أن يقال المراد اجتماع الخصلتين لأن في ذكرهما دليلا على أن تأثير أحدهما كتأثير الآخر بمنزلة قوله: ((واللذين لايدعون مع الله الله إلهاً آخر)) إلى قوله ((ومن يفعل ذلك يلق أثاما)) وأيد هذا قوله تعالى: ((ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله وال المؤمنين وليجة)) ففي هذا تنصيص على أن من اتخذ وليجة من دون المؤمنين فهو بمنزلة من اتخذ وليجة من دون الرسول.

وقال الله تعالى: ((وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم)) وفيه تنصيص على أن المرضي عند الله ما هم عليه حقيقة، ومعلوم أن الارتضاء مطلقاً لا يكون بالخطأ - وإن كان المخطيء معذورا - وإنما يكون بالصواب؛ فعرفنا أن الحق مطلقا فيما اجتمعوا عليه.))

يتبع بإذن الله

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير