الدكتور عبد الرحمن الشهري:: وظيفة الاسم عند العرب هو للتميز , اسم يعيين للمعين مطلقا, فإذا تعين المسمى انتهت القضية , لكن كما تعلمون المتأخرون قد أوبؤا بالتدقيق في المسائل , وإيراد الاعتراضات و الأمور الافتراضية التي ليس لها مستند.
الدكتور محمد الخضيري:: لذلك تجدهم في التعريفات يبالغون في ذكر التعريف المانع الجامع و يطيلون الكلام فيه , حتى أنه في بعض الأحيان في تعريف علم معين أو باب من أبواب العلم خمسين تعريف يذكر , كم تعريفا للتفسير أنا اعرف قرابة ستة عشرة تعريفا , بينما اذكر الشيخ (لم أتبين اسمه) قال هو بيان معاني القرآن.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: هذه من آثار المنطق والإطلاع على كتب علماء المنطق , لذلك - المتنبي أو غيره - يقول أن البلاء موكل بالمنطق , يحرصون على تدقيقات لا يكون لها أثر , ولم يكن هذا من عادة السلف فهذا عمر - رضي الله عنه - قرأ سورة عبس حتى وصل لقوله تعالى: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)} فقال: [كل هذا قد عرفناه، فما الأب؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف، وما عليك يا بن أم عمر ألا تدري ما الأب .. ]
الدكتور محمد الخضيري:: هناك فرق بين المتقدمين والمتأخرين من النحاة , المتقدمين لما يقال ماهو الفاعل يقول الفاعل هو محمد في قولك قال محمد وقس عليه , أما المتأخرون فيقولون هو من قام بالفعل , أو قام به الفعل.
الدكتور مساعد الطيار:: لا شك أن التشقيق أو البحث عن العلل قد لا تكون محمودة في العلم , لكن لا يعني هذا عدم التحرير في العلم فهناك فرق بين هذا وذاك.
إذا كانت هذه فضائل سورة البقرة , وسبق التنبيه على ذلك سابقا , كون النبي - صلى الله عليه وسلم - وصف هذه السورة بهذه الأوصاف العظيمة , وذكر فيها هذه الفضائل , يحسن بنا أن نعرف ماهو المقصد الجامع لهذه السورة.
الدكتور محمد الخضيري:: يمكن أن نقول مقصود سورة البقرة - والله أعلم -فهي كما ذكر خالد بن معدان هي فسطاط القرآن والفسطاط يعني الميدان الواسع فيه الشرع والعبادة والسلوك وممكن بعض المتأخرين قال: لو قيل أنها جاءت لذكر الضرورات الخمس وللتأكيد على حفظها , حفظ الدين , والعقل , والمال , والعرض والنفس , هذه الخمس مدار سورة البقرة على حفظها والحرص عليه , ودلل على ذلك بما يؤكد على هذا المعنى الدكتور محمد الربيعة , والحقيقة لما تنظر إلى سورة البقرة تجدها هي الشريعة , وبعض المفسرون كالشاطبي يقول هي كلية الشريعة , وكلية الشريعة أي أنها جامعة للشرع كله , فالأركان الخمسة موجودة فيها , الشهادتان , الصلاة " ويقيمون الصلاة " آيات الزكاة و آيات الصدقة ,ومن يتصدق عليه , وآيات الإنفاق بشكل عام , وما يضاده وهو الربا , الصوم لم يذكر إلا في سورة البقرة: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} , و تفاصيل هذه العبادة من الدعاء والاعتكاف ونحو ذلك , الحج {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الجهاد , ذكرت هذه الأركان الخمسة وذكر معها أيضا الجهاد في سبيل الله , ثم ذكرت موضوعات مالية وفي الأسرة , الطلاق ,العدة , وفي تفاصيل حياة الناس والمعاملات المالية كآية الدين وهي أطول آية في كتاب الله ذكرت في هذه السورة , هذا يدل على أنها بالفعل كلية الشريعة أو سورة الضرورات الخمس , أو فسطاط الدين أو كما ذكر القرطبي أن بعض أشياخه قال فيها ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: ولذلك تجد الذين كتبوا في أحكام القرآن فإن أطول سورة تناولوا فيها الأحكام هي سورة البقرة فهي مليئة بالأحكام والتشريعات.
الدكتور مساعد الطيار:: وهي أيضا أطول سورة فسرت.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: وهذا من أسباب اجتهاد الصحابة في تعلمها في هذه المدة الطويلة ثمان سنوات واثني عشرة سنة , من هو الذي في زمننا هذا تعرفون أنه بقي في حفظها سنتان أو ثلاث سنوات , ولذلك أود أن أنبه على هذا , لماذا لا يخصص شهر رمضان و يكون لسورة البقرة فقط, ولا سيما أن هناك كتب كثيرة خصصت لسورة البقرة وهناك كتب في التفسير , إذا جاءت لسورة البقرة أطالت , مثل تفسير الطبري سورة البقرة في أربع مجلدات أو ثلاث.
¥