الدكتور مساعد الطيار: عندنا أيضا قضية موضوع السورة , فموضوع سورة الفاتحة مرتبط بالموضوعات التي طرحت في سورة البقرة.
الدكتور محمد الخضيري: وهكذا بين كل سورتين ينبغي أن ينظر القارئ في موضوع السورة ويحاول أن يبحث عن الرابط الذي يربط بينه وبين السورة التي تقدمت فهذا يفيد كثيرا في معرفة المناسبات , بمعنى لا تنظر في الموضوعات الجزئية فقط , وإنما انظر للمضامين الكلية , وحاول أن تقارن هذه بهذه ليظهر لك بعد ذلك وجوه المناسبة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: تكلمنا عن المناسبة بين الفاتحة والبقرة.
الدكتور مساعد الطيار: أشرنا إليها , وقلنا سنعطي السامع بعض الفوائد في فهم المناسبات , أحيانا تكون المناسبة بين فاتحة سورة وفاتحة السورة التي تليها , وأحيانا كما ذكرنا قبل قليل المناسبة تكون بين خاتمة السورة وفاتحة السورة التي تليها , وأحيانا قد تكون موضوعات , فعندنا مجموعة من الطرق التي يعرف بها المناسبة.
الدكتور محمد الخضيري: مما ذكره الدكتور عبد الرحمن في الحلقة الماضية قال قضية العهد والميثاق , فإياك نعبد وإياك نستعين عهدا وميثاقا وقد تكرر هذا في سورة البقرة في مواطن كثيرة جدا؛ يؤكد الله - عز وجل - العهد والميثاق على الأمم المتقدمة وعلى هذه الأمة , مما يجعل هذا من أجدى المناسبات بين السورتين , وعندي مناسبة أخرى بين قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)} في الفاتحة , هذا الصراط أين هو؟ وقوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} البقرة , فهذا الكتاب هو الصراط المستقيم ,هذا الذي تسألون الله إياه , وهذه تفاصيله , ولذلك سميت هذه السورة جامعة القرآن أو سنام القرآن أو فسطاط القرآن لأنها قد جمعت شرائعه كلها , ففيها من العبادات والمعاملات والأموال والقصاص والوصايا والجهاد الخ.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: أيضا هناك وجه ارتباط آخر ففي سورة الفاتحة عندما ذكر الله الذين أنعم عليهم فقال: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ... (7)} , ثم فصل صفات الذين أنعم عليهم في سورة البقرة , فهناك صفات كثيرة من وفاءهم بعهدهم واستجابتهم لأمر الله ورسوله , وقصص الذين أنعم الله عليهم كثيرة في هذه السورة.
الدكتور محمد الخضيري: بل في أول السورة أيضا ,في قوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)} هؤلاء الذين أنعم الله عليهم , وفي المقابل في آخر السورة بين أن هناك طائفة للمؤمنين قد قامت بهذه الموصفات في قوله: {آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: أيضا وجه ارتباط آخر في المغضوب عليهم والضالين , أشار الله إليهم في سورة الفاتحة ثم فصل لنا من قصصهم وصور ضلالهم في سورة البقرة , فكلمة ابن عاشور وغيرهم من المفسرين قال: [سورة الفاتحة هي ديباجة القرآن و مقدمته الذي جاء القرآن كله لكي يفصل معانيها] كلمة رائعة جدا والذي لا تظهر لك معانيها إلا إذا تأملت في سورة البقرة.
الدكتور مساعد الطيار: وذكر هذا بعض المفسرين فهناك من أشار لهذه الفكرة؛وهي أن الفاتحة جامعة لمعاني القرآن,
الدكتور محمد الخضيري: أيضا هناك قضية - وهي تتمة لما ذكره الدكتور عبد الرحمن في الحلقة السابقة - وهي قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} في الفاتحة , نحن الآن تعهدنا أن نعبد ربنا والتزمنا بذلك الأمر , فما هي العبادات؟ العبادات دونكم إياها؛ فأركان الإسلام الخمس والتي هي أجل العبادات, موجودة في سورة البقرة, ففيها التوحيد والصلاة والصوم والزكاة والحج كلها مذكورة في سورة البقرة.
الدكتور مساعد الطيار: نعم وجوه العبادات كلها.
¥