وضوح , وفي جانب التشريع حتى نبين جانب الرحمة , قال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)} فالأصل الحل والمحرم محصور , فكل ما تراه من مطعومات ومشروبات والملبوسات والمنافع فالأصل فيه أنه حلال , والمحرم محصور ومعدود بفضل الله عز وجل , ولذلك فآياته في القرآن تأتي بصيغة الحصر: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)} الأنعام , {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)} الأعراف, {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)} النحل , فيعدها عدها.
الدكتور مساعد الطيار: { .. وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ... (24)} النساء , أيضا في جانب الأحكام الفقهية , سمعت الأخ فهد الوهبي ذكر لفته أن الأحكام الشرعية لما تذكر في كتب الفقهاء لا تتعدى ذكر الأحكام فهذا حلال و هذا حرام وهذا مباح , لكن لا تأتي في القرآن بهذه الطريقة ,و لهذا تأتي فيها أسماء الله سبحانه وتعالى لتربط التوحيد بهذه الأحكام.
الدكتور محمد الخضيري: فيقول: { .. فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)} النحل , بمعنى أعلم وأنت تفعل المحظور لضرورة أعلم أن الله قد غفر ورحم.
الدكتور مساعد الطيار: إتماما للفائدة التي ذكرناها في الأحكام , يا ليت من يكتب في آيات الأحكام أن يضيف هذه الفوائد التربوية وارتباط الأحكام الفقهية بالعقائد والأسماء والصفات التي ترتبط بها, حتى يكون لدينا كل متكامل , وقضية الكل المتكامل في الإسلام بين العقائد والأحكام موجودة في القرآن وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - واضحة جدا لكن لأن العلوم قسمت عندنا هذا التقسيم له مصلحة من جهة , ولكن مع الأسف نحن قد نستخدمها استخدامات خاطئة.
الدكتور محمد الخضيري:لذلك لما تخبر الشخص بأن هذا واجب فيتساءل هل هو واجب أو سنة؟ ومن تركه هل فعل كبيرة أو صغيرة؟ لماذا يساوم على هذا؟ عزل الموضوع عن العبودية لله والطاعة والاستسلام , وأنك بهذا ترتفع وتسمو وتقترب من ربك , كل هذه المعاني أصبحت جانبا.
الدكتور مساعد الطيار: يمكن أن يعمل في هذا بحثا؛ وكيف ربط الإسلام بين القضايا العقدية والقضايا الفقهية التي يعمل بها الناس.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: في الآية التي يقول فيها الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)} تستوقفك الآية أنها تأمرك بأن تأكل وتستمتع بالطيبات , وهذا معناه أنه حرم عليك أن تأكل الخبائث , وقوله " ما رزقناكم " فيه أمتنان من الله -سبحانه وتعالى - حتى لا يقول أحد أن هذا فيه تحقير لك , كأن يقول لك رجل: ألبس مما أعطيتك , لكن الله -سبحانه وتعالى- يقول "ما رزقناكم " تشريف لنا لأنه هو الخالق الرازق , ثم يقول " واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون " فيربطك حتى في قضايا الأكل والشرب بعبادته وتوحيده , وانظر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها
» رواه مسلم.
الدكتور محمد الخضيري: فهو يعطيك اللقمة وتقول الحمد لله فيعطيك الله الرضا الذي هو أعلى من هذا كله.
¥