الدكتور عبد الرحمن الشهري: أنا مهتم بالمعنى وربطه بالمعتقد حتى لا تجده في الذهن , فتربط بين شربة الماء التي تشربها ,أو غيرها بعبادته -سبحانه وتعالى -و توحيده كما قال في الآية " إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" , ونذكر الأخوة بما قلناه "في إياك نعبد وإياك نستعين " فلم يقل اشكروا لله إن كنتم تعبدونه بل قال" إن كنتم إياه تعبدون " أي توحدونه , والأمر الآخر قضية الاستجابة لله -سبحانه وتعالى - تعبدا لله وإتباع للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون الدخول في هل هي واجبه أو فريضة هل أأثم إذا تركتها و كما يتنصل كثير منا من كثير من أحكام الإسلام بحجة أنها سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها , وأذكر عندنا في القرية لا يكاد أحد يخل بالسنة الراتبة و أذكر عندما كنا صغار إذا خرجنا من المسجد ولم نصلي السنة , ورآنا الآباء يقوم أحدهم وبالعصا ويعيدنا إلى المسجد ويقول سننوا , فنشأنا على أن السنة لابد منها فلما دخلنا الكلية وتفقهنا وعلمنا أن هذه سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها فأصبحنا نتهاون فيها , قال أحد كبار السن في المسجد بعد ما رأى ذلك: ما شاء الله هذه ثمار الدراسة؟ أصبحتم بعد دراسة الشريعة تتركون السنة؟!
فتذكرت قصة ذكرها الشيخ عبد الفتاح أبو غده - رحمه الله - يقول: في يوم من الأيام مرض أحد الأساتذة المتخصصين في الفقه و قد كان ممن يحلق لحيته- وهو يرى أنها ليست بواجبه -فجاءه طبيب باكستاني وهو كث اللحية على السنة, فعالجه , ثم قال لنا: لدي سؤال؛فقد فهمت أن المريض دكتور متخصص في الفقه؟ فقلنا له: صحيح: فقال له: اسمح لي أن أسألك سؤال , لماذا تحلق لحيتك؟ فقال له: هذه سنة , فقال: هل كان الرسول - صلى الله عليه وسلم -يطلق لحيته أم لا؟ قال له: نعم , فقال: أليس الاقتداء بالنبي أولى , قال: بلى, يقول الشيخ عبد الفتاح: قلت في نفسي سبحان الله هذا الطبيب أفقه من كثير منا ممن يدعون العلم , فمسألة الاستجابة والانقياد لأمر الله ورسوله لا تحتاج لفلسفة.
الدكتور مساعد الطيار: فهو يأخذ السنة ليتنصل من تطبيق الحكم!
الدكتور عبد الرحمن الشهري: نحن في أمس الحاجة للاستجابة والانقياد لأمر الله ورسوله , ومن فوائد دراسة تراجم السلف والمتقدمين , تجد السمة الغالبة على هؤلاء و الأمر الجامع بينهم أنهم ينقادون لأمر الله , لذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)} الأنفال , التعقيب في الآية في غاية الخطورة , فإذا قلت على كل أمر أن هذا سنة وهذا سنة لم يبق إلا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله و صلاة الفريضة.
الدكتور محمد الخضيري:كأن العلم الذي أخذته ما زادك إلا بعدا , فالعامي أفضل وأبرك , فهو عندما يسمع الحق يستجيب بدون سؤال.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: والتعقيب في الآية: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} فيكثر تنصله وعدم أخذه بالسنن , فيسبل ثوبه ويقول سنة ,و يحلق لحيته ويقول سنة, والسواك يتركه ويقول سنة , وكثير من مظاهر المسلم ومن أفعاله هي من السنن التي حث عليها النبي - صلى الله عليه وسلم-وهي رحمة , فلو كانت كل الأوامر فرائض لكان فيها مشقة شديدة , لكن كثرة التنصل منها قد تؤدي إلى أن يحول الله بينه وبين قلبه فلا يهتدي.
الدكتور محمد الخضيري: دعونا نؤصل لهذه المسألة , الحقيقة أن الأمر ليس مرتبط بجانب معرفة الإنسان أو عدم معرفته وليس هو جانب الخوف والرجاء بل هو جانب الحب , لذلك أقول -والله أعلم - أن سبب تقديم قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ .. } فالحب أعظم سائق للامتثال , والدليل أنظر لشبابنا عندما يحبون ممثل أو لاعب ماذا يفعلون؟ يقلدونه , حتى في أشياء مقززة فيطيل أظافره لأن الفنان فعل كذا .. اذكر بعض الفنانين خرج للناس وقد وضع ستة عشر زرا في رقبته فقلده الشباب حبا فيه فالحب اعظم سائق , وأعظم ما يسوق الإنسان للطاعة الامتثال هو الحب , والمحب لا يسأل هذا
¥