الدكتور محمد الخضيري: ولذلك قال في نفس السورة: {إنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} يعني هذا هو المقصود {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} , ما معنى ثقيلا؟ هل هو ثقيل في حروفه؟ لا والله؛ فقد قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)} القمر , بل في معانيه ,و معناه إن الآية فيها شيء كثير من العلم والإيمان والهدى والخير والبركة , منهج.
الدكتور مساعد الطيار: لكن آية: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ} تأخرت في النزول قليلا , فلا نعلم بالضبط كم نزل بين أول السورة وآخرها من القرآن , و لكن أي ما كان فلا شك أنه يعتبر قليلا.
الدكتور محمد الخضيري: لكن يا دكتور مساعد مما يؤكد ما ذكره الدكتور عبد الرحمن ما ورد في أول السورة وهو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)} هذه لا خلاف فيها ..
الدكتور مساعد الطيار: نعم لا خلاف فيها , وهذا أيضا ملحظ جيد أن ينتبه قارئ القرآن إلى زمان النزول , ومن الفوائد اللطيفة التي قد تغيب عنا بسبب أننا لا نلتفت لها
الدكتور عبد الرحمن الشهري: المشكلة إنه لا توجد أدلة تقطع لك بأنها مرتبة بهذا الترتيب.
الدكتور مساعد الطيار: لكن نستوحي منه.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: أذكر فائدة ذكرها الدكتور محمد في الحلقة الماضية أو ما قبلها عندما ذكرت لنا أن الدكتور يحيى اليحيى يقول: إني أستطيع أن أرتب الأحاديث النبوية على حسب زمن النبوة هذه فكرة رائعة جدا ويخطر على بالي قضية القرآن الكريم فالذين فسروا القرآن الكريم على حسب النزول, وقد ناقشنا هذا الموضوع في حلقة من الحلقات , قلنا أنهم وصلوا إلى مرحلة لا بأس بها في هذه المنهجية , و يحظرني الآن مما قرأته واستفدت منه كتاب الشيخ عبد للرحمن الميداني , صنف كتاب رائع اسمه قواعد التدبر الأمثل للقرآن الكريم وهو كتاب جميل لكن فيه طول , وربما يذكر قاعدة وليست بقاعدة وإنما هي فائدة , مثل كتاب السعدي القواعد الحسان فليس كله قواعد فبعضها لفتات , لكنه طبق المنهجية في كتابه معارج التفكر ومعالم التدبر , ففسر القرآن الكريم على حسب النزول , فبدأ بالعهد المكي وانتهى منه , واجتهد اجتهادا كبيرا في تقسيمه لمقاطع السورة وفي تأملاته وتدبراته , فأبدع أيما إبداع و أجاد , ثم لما بدأ في العهد المدني بدأ بسورة البقرة , واستخرج موضوعاتها ومحاورها ثم مات -رحمه الله- فما أكمله , لكن الفكرة في تتبع آيات النزول , مثل ماذكر لنا الدكتور مساعد أن الآية التي في آخر سورة المزمل تأخرت في النزول , لا ندري كم تأخرت ولا ندري فعلا الظروف والآيات التي نزلت قبلها ,فترتيب الآيات حسب النزول فيه صعوبة , لكن الذين صنعوه في كتب التفسير الذين فسروا على حسب النزول رتبوا السور , فأنت قد تأخذ آخر السورة مع أولها وتبني عليه حكما ولم ينزلا في وقت واحد , لكن الفكرة في أصلها فكرة تحمل الكثير من المعاني التربوية وفيها فوائد.
الدكتور محمد الخضيري: كنا قد وصلنا إلى آية البر وهي قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ ... (177)} كان هناك وقفة حول مسألة يمكن أن تشكل على بعض طلاب العلم , ممكن أن يحدثنا الشيخ مساعد عنها وهي في قوله تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} وقد ذكر لنا الدكتور عبد الرحمن فيها أن قوله (الموفون) و كيف أنه عبر بالجملة الاسمية وبينا السبب في ذلك , وجاء بعدها قوله: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)} فقال والصابرين وهي معطوفة على خبر لكن في أول الآية في قوله (ولكن البر من) , فإذن يلزم أن تكون مرفوعة فيقال والصابرون ولكنه
¥