أن اتوضأ و أدخل جسمي إلى المسجد فهذه وظيفة المؤمن ,والله سبحانه وتعالى بعد ذلك يفتح عليه.
ومن الأشياء اللطيفة في قضية عيشه مع القرآن يقول: أستغرب ممن يقول أنه يقرأ القرآن في رمضان مرة ومرتين وثلاث , و أنا والله ما أستطيع في اليوم أن أتجاوز صفحة واحدة.
الدكتور مساعد الطيار: هذه نعمة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: يقول كلما قرأت آية استوقفتني فكل آية منهج وكل آية فيها أسرار ,وهو ليس من أصحاب العلم ولا الدراسة , ولذلك تذكرون عندما عرفنا الدكتور مساعد بكتاب إنموذج جليل لأبي بكر الرازي قال أبوا بكر الرازي في مقدمتها: وكان من سبب هذه الأسئلة , أخ من إخوان الصفاء كنت أنا وإياه نتدارس في القرآن , فكان يطرح علي أسئلة ما قرأتها في الكتب ولا سمعت بها عن أحد من العلماء , فربما راجعت كتب التفسير لأبحث عن جوابها وربما تفتق ذهني عن الجواب , فالكتاب جمع فيه الرازي كما ذكرنا 1200 سؤال وجواب , تقرأ فيه نفائس الاستنباط والعلم وهذا من ثمار المدارسة.
وأذكر الشاطبي -رحمه الله تعالى - في الموافقات وفي غيرها؛كان يشير إلى طبيعة المدارسة , فيقول: أحيانا يشكل عليك شيء وأنت بمفردك فتأخذه لتطرحه على أستاذك و زملائك , فما أن تطرحه وأنت في مجلس المدارسة إلا وينكشف لك , قال: وذلك لما في مجلس الدرس من الخاصية ولما في المدارسة من البركة.
الدكتور محمد الخضيري: أنا أؤكد على كلامك بأمر مهم جدا , وهو أن لا يكون الداعي للإنسان في قرأته للقرآن ختم الأجزاء وتعداد الحروف أو الانتهاء من السور , وختم القرآن , أنا أرى أن الأفضل- والله أعلم - أن يكون المقدار زمانيا , و ليس بالأوجه أو الأجزاء والأحزاب والسور ولا بغيرها , و لماذا نقول زمانيا؟ زماني؛ لأني خصصت للقرآن ساعة مثلا , فسواء قرأت فيها آية أو آيتين , صفحة أو صفحتين , سورة أو سورتين .. الخ , المهم هذا الزمان مخصص لكتاب الله- عز وجل- , فمقصودي أن أنتفع و أن أستفيد و أن أزداد إيمانا و أن أقرأ و أتقرب إلى ربي - سبحانه وتعالى- , وقد تقول: ما مستند ذلك؟ أقول: مستنده القرآن؛ لأن الله -عز وجل - لما ذكر قيام الليل ذكره بالزمن ولم يذكره بالعدد وهذا يدل على أن الزمن هو المعتبر , قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ .. (20)} المزمل ,إذا القضية في قيام وقت محدد ,كم تقرأ في هذا الوقت , ما قال جزء ولا جزأين ولا سورة ولا سورتين , وإنما تقرأ ما شئت , قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- آية: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} المائدة , آية واحدة يقوم بها ويكررها -عليه الصلاة والسلام -, مما يدلنا على أن المقصود الأعظم هو أن تبقى وتعيش مع القرآن , وكون إنك تختم هذا نافلة, لكن الأهم من ذلك والأعظم والأجل هو أن تعيش مع القرآن وتحيا بالقرآن قال تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)} الذاريات , كلها زمانية , ما جاءت في القرآن إلا زمانية ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: و مصداقا لكلام الدكتور محمد في آية سورة المزمل , أتوقف معها دائما وهي قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ .. (20)} المزمل ,هذه السورة ربما تكون السورة الرابعة في النزول , أو الثالثة أو الخامسة , فهي من أوائل ما نزل , والله يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} ويقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} في القيام ولم ينزل إلا اقرأ بسم ربك الذي خلق ونزل نصفها فلم تكن كاملة والمدثر والقلم والمزمل , هذا قد تقرأ في عشر دقائق , وبالرغم من ذلك يقول الله- سبحانه وتعالى-: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} فأقل شيء ثلثه وأكثر شيء ثلثي , ولا يوجد إلا أربع سور ما معنى ذلك؟ معنى ذلك أنك تكررها وتتدبرها وتتأملها.
¥