أقول إضافة إلى ذلك فهناك بحث قيم للأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد رعاه الله بعنوان (تحزيب القرآن في المصاحف والمصادر) نشره في العدد 15 من مجلة الأحمدية الإماراتية في رمضان عام 1424هـ. وقد نشر بحثه هذا في كتابه (أبحاث في القراءات والتجويد) وقد بعث به إليَّ مشكوراً لرفعه لمكتبة الملتقى ولعلي أفعل ذلك لاحقاً.
وأما تعليق الدكتور أحمد شرشال على كلام أبي داود الذي أشار إليه الدكتور مساعد الطيار مشكوراً في حاشية رقم 7 صفحة 229 من المجلد رقم 2 من كتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل لأبي داود سليمان بن نجاح رحمه الله فهذا هو بنصه وفيه فوائد حول موضوعنا:
(فإنه قد عُلم أنَّ أول ما جزئ القرآن بالحروف تجزئة ثمانية وعشرين وثلاثين وستين - هذه التي تكون رؤوس الأجزاء والأحزاب، في أثناء السورة وأثناء القصة ونحو ذلك، كان في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي وما بعده، وروي أن الحجاج أمر بذلك، ومن العراق فشا ذلك. وحكاه أبو عمرو الداني عن شيوخه، ونقله عنهم علم الدين السخاوي، ثم ذكر الداني أنه روي تجزئة رمضان عن محمد الأصبهاني.
ودأبُ أهل المغرب والأندلس، سلفهم وخلفهم - وإلى وقتنا هذا - على أن يختموا كل القرآن في صلاة التراويح في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، ومن ثم روعي في تقسيم القرآن على سبعة وعشرين ليلة، ويُصلون في كل ليلة بجزء منه ليوافق الختم ليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان اعتقاداً منهم أنها لا تكون إلا في هذه الليلة.
وإذا كانت هذه التجزئة بالحروف وغيرها محدثةً من عهد الحجاج بن يوسف بالعراق فإن الصحابة رضي الله عنهم قبل ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وما بعده كان لهم تحزيب آخر، فإنهم كانوا يقدرون تارة بالآيات، وتارة بالسور.
فعن أوس بن حذيفة قال: فسألت أصحاب رسول الله عليه وسلم كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل) أخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد.
قال ابن تيمية: (والتحزيب بالسور التامة أولى من التحزيب بالتجزئة). وقال أيضاً: (وهذا الذي كان عليه الصحابة أحسنُ).
ثم إن هذه التجزئات المحدثة تتضمن دائماً الوقوف على بعض الكلام المتصل بما بعده، حتى يتضمن الوقف على المعطوف دون المعطوف عليه، فيبتدئ القارئ في اليوم الثاني بمعطوف كقوله: (والمحصنات) في النساء. وأمثال ذلك كثير، ويتضمن الوقف على بعض القصة دون بعض، وعلى بعض المعنى دون بعض، كقوله (قال الملأ .. ) في الأعراف، بل يتضمن الوقف على كلام السائل ويبتدئ في اليوم الثاني بكلام المجيب كقوله (قال ألم أقل لك .. ) في الكهف.
وأكثر من ذلك أني رأيت الآية الواحدة وضع في نصفها رأس الثمن كما هو في مصحف الجزائر والمغرب وتونس وليبيا في قوله تعالى: (بالإثم والعدوان) في الآية 84 البقرة.
ويحضرني في هذا قول الإمام مالك: (قد جمعه الله وهؤلاء يفرقونه).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وإذا كان كذلك فمعلوم أن هذا التحزيب والتجزئة فيه مخالفة السنة).
وهذه التجزئة المحدثة لا سبيل فيها إلى التسوية بين حروف الأجزاء؛ وذلك لأن الحروف في النطق تخالف الحروف في الخط، في الزيادة والنقصان، يزيد كل منهما على الآخر من وجه دون وجه، وتختلف الحروف من وجه دون وجه، فإن ألفات الوصل ثابتة في الخط، وهي في اللفظ تثبت في القطع، وتحذف في الوصل فالعادُّ ينتقض عليه بالوصل والقطع، وأن الحرف المشدد حرفان في اللفظ.
ثم إن حصر وقوع ليلة القدر في السابع والعشرين غير صحيح، ومخالف للسنة، فقد ثبت في الصحيح عن عبادة بن الصامت وعائشة وغيرهما كما أخرجه البخاري قال: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر) بل جاءت الرواية صريحة عن عبادة بن الصامت قال: (فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة).
وحينئذٍ فالأولى أن تستمر صلاة التراويح والتهجد إلى آخر ليلة منه.
وإن كثيراً من العلماء أنكر هذه التجزئات ....
ولقد صليتُ أكثر من عشر سنين في المسجد النبوي وما رأيت وما سمعتُ أن أئمة الحرم يُلقونَ لها بالاً، ولم يلتزموا بهذه التجزئة المحدثة، ولقد كانت وقوفاتهم في مواضع يحسن القطع عليها والابتداء بما بعدها.
ثم إني قرأتُ القرآنَ على هذه الأجزاء والأحزاب وحصل لي بسببها مشقة عظيمة، وتكلف وجهد لحفظ القرآن، فرعاية نهاية المعاني وتمام القصة يسهل الحفظ ويثبته ويستقر في الذهن والله المستعان). أ. هـ.
=================================
السلام عليكم ............
كنا من بداية طرح هذه الفكرة نعلم أنها نقاش ومدارسة علمية مع الفضلاء في هذا الملتقى العامر، ولم يغب عن بالنا جميعا أنه لا يوجد مصحف يطبع الآن بناء على هذاالتحزيب المقترح .......
لكن التغيير الفعلي على أرض الواقع لا يكون إلا إذا تغيرت القناعات بجدوى أمر ما وولادة أمر بديل، وذلك ما يمكن أن يكون نتاجا لهذه المطارحات العلمية ...........................
ويا دكتور عبدالرحمن - حفظك الله - ليتك لخصت أدلة كل فريق وجمعت ما قاله أنصار كل قول، حتى يتضح مالدى الجميع ونلم ما تفرق في أثناء النقاش مما أخرج المسألة في كثير من الأحيان إلى تفريعات جانبية .........
أما نقللك لذلك التعليق المطول فمما لايكاد يختلف عليه أحد لا من صوب فكرة إعادة التحزيب ولا من رفضها، ومع ذلك فهي لاتقوم أجوبة لما سبق طرحه من مسائل وأدلة لاترى إعادة التحزيب ....................
ويا شيخنا ويا أيها الأفاضل هناك فرق بين القول بأن تحزيب السلف أولى وأحسن، وأن هناك بعض التحزيب يقطع بين المتصل، أوعلى مالا يحسن الوقوف عليه مماهو معلوم متفق عليه .......... وبين العمل فعلا على إعادة التحزيب والتغيير واقعا في المصاحف، وهو ما يمنعه البعض ولايراه لمسوغات قيلت وكررت ولم يجب عنها حتى الآن ..............
وأختم وأقول: في ما أبداه من لم ير إعادة التحزيب مقنع، مع احترامنا وتقديرنا لفكرة الشيخ عبدالرحمن والشيخ مساعد ومن معهم من الأفاضل ................
هدانا الله للصواب وبصرنا بالرشاد وغفر لنا جميعا ........... آمين. [/ size][/color]
¥