تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لكن من الأمور المثيرة للدهشة اكتشاف لقى أثرية عراقية مسجل عليها، بالأحرف المسمارية كلمة (مصر)، ويعلق على ذلك العالم الأثري المصري عبد العزيز صالح قائلا: أضافت النصوص الآشورية اسمين أثارا مشكلة عويصة، فروت أن ملكها جزي برءو (برعو) ملك مصرو، كما روت أنه تلقى اثني عشر جوادا كبيرا لا مثيل لها، هدية من شليخيني (أو شلكاني) وهو ملك مصري، وأشارت معها إلى ما سمته باسم مدينة نخل مصر. ويبدو أن هذه الأسماء لم تكن لها صلة بمصر بمعناها المعروف؛ حيث ذكرت النصوص الاشورية اسم برءو (برعو) ملك مصر ومع رؤساء البادية مثل سمسي ملكة أريبي، ويثع أمير السّبئ، وذلك مما قد يعني أن منطقة مصرو كانت من مناطق البادية أيضا، ويغلب الظن أنها كانت قريبة من البحر الأحمر ومن الحدود المصرية، وأنها المنطقة نفسها التي روى "شلمانصر" من قبل أنه عين عليها الشيخ البدوي إديبئيل. أما برءو، فقد يكون تحريفا لاسم شيخها البدوي في عهده. أو تكون تبعيتها القديمة لمصر قد أغرت الكتبة الآشوريين على اعتبار جزاها من جزئ الفرعون المصري نفسه، وكان لقبه في اللغة المصرية برعو فعلا. أما شليخيني أو شلكاني ملك مصري، فقد يكون تحريفا لاسم عربي مثل سلحان، كما رأى الباحث "ريكمان". وليس اسما لفرعون مصري، كما ظن "فيدنر"، يضاف إلى ذلك، أن مصر لم تشتهر بتربية الخيول الكبيرة التي أشارت إليها نصوص سرجون، وإنما كانت جيادها صغيرة الحجم نسبيا، على الرغم من تهجينها بسلالة ليبية في العصور المتأخرة. بقي اسم نخل مصر، وهذا قد يترجم بمعناه الآشوري بمعنى قناة مصر، أو سيل مصر، ويدل بذلك على جزء من وادي العريش، أو جزء من خليج السويس. كما رأى بعض الباحثين، أو يدل على واد قريب من رفح، كما نم عن ذلك نص آخر، أو يكون له بعض الصلة باسم قرية نخل الحالية في شبه جزيرة سيناء.

وهكذا ظهر أن النصوص الاشورية لا تتحدث عن وادي النيل، فذهب بعض العلماء إلى أن ما ورد في النصوص الاشورية من ذكر لـ Musri لا يعني أيضا مصر المعروفة، بل مصر العربية، وأن ما جاء في نص تغلاتبسر الثالث الذي يعود عهده إلى حوالي سنة 734 قبل الميلاد، من أنه عين عربيا Arubu واسمه ادبئيل (اد ب ال) (ادب ايل) Idibail حاكما على ( Musri)، لا يعني أنه عين حاكما على مصر الأفريقية المعروفة، بل على هذه المقاطعة العربية التي تقع شمال نخل مصري أي وادي مصر. ويرى "وينكر"، أن سبعة ( Sibe) الذي عينه تغلا تبسر سنة 725 ق. م على مصري، والذي عينه سرجون قائدا على هذه المقاطعة، إنما عين على أرض مصر العربية، ولم يعين على مصر الأفريقية. وقد ورد في أخبار سرجون أن من جملة من دفع الجزية إليه برعو ( Piru) وقد نعت في نص سرجون بـ "برعو شاروت مصري"، أي "برعو ملك أرض مصري". وورد ذكر برعو هذا في ثورة أشدود التي قامت سنة 711 ق. م وورد ذكر مصري في أخبار سنحاريب ملك آشور، وكان ملك مصري، وملك ملوخا، قد ساعد اليهود ضد سنجاريب.

ويرى "وينكلر" إنا كل ما ورد في النصوص الآشورية عن مصري مثل: "شراني مت مصري" ( SHARRANI MAT MUSRI)، أي ملوك أرض مصر إنما قصد به هذه المقاطعة العربية.

علاوة على ذلك، فقد عثر سنة 1956 في حرن على كتابة مهمة جدا في بحثنا هذا دونها الملك "نبونيئد"، وكانت مدفونة في خرائب جامع حران الكبير، تتحدث عن تأريخ أعمال ذلك الملك، ومما جاء فبها: أنه لما ترك بابل وجاء تيماء، أخضع أهلها، ثم ذهب إلى ددانو (ديدان) وبداكو (فدك) وخبرا (خيبر) وإيديخو (؟) حتى بلغ أتريبو (يثرب) ... ثم تحدث بعد ذلك عن عقدة صلحا مع مصر وميديا ومادا ومع العرب.

عند قراءة هذا النقش بتمعن يتضح منه انه يجب ان تكون مصر هذه المذكورة في النقش قريبة جدا من باقي البلاد، ليمكن ربط الأحداث مع بعضها. كما لا يوجد في كل ما اكتشف في مصر _ واي النيل ما يشير إلى هذا الصلح.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير