ومعنى قول (لا إله إلا الله) يقتضي الإقرار بالتوحيد والعمل به واجتناب الشرك كما جاء مفسراً في الرواية الأخرى في الصحيحين أيضاً عن أبي ذر رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «أَتَانِى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَبَشَّرَنِى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ.
قَالَ: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ».
وهذه البشرى بدخول الجنة لا تقتضي أن أصحاب الكبائر لا يعذبون قبل دخول الجنة بل وردت أدلة كثيرة صحيحة على أنهم تصيبهم بعض عقوبات ذنوبهم في حياتهم الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة حتى إن منهم من يعذب في النار – والعياذ بالله- ثم يخرج منها برحمة أرحم الراحمين ثم بشفاعة الشافعين الذين يأذن الله لهم بالشفاعة فيهم.
و ما هو الضمان و الدليل القاطع من كتاب الله أن هذه الشفاعة .. شفاعة الرسول المزعومة (عندي أنا) خاصة للكافرين فقط من دون المنافقين الموحدين .. هذا كله فرضا لو كانت هناك الشفاعة ..
الإيمان بالشفاعة واجب لأن الله عز وجل قد أخبر بها في كتابه الكريم
وبينها النبي صلى الله عليه وسلم بياناً شافياً
فلا يجوز لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يشك فيها بعد إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بها، بل يجب التصديق بذلك والإيمان به كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وأن لا يكون في أنفسنا حرج من ذلك.
وإليك بعض الأدلة في إثبات الشفاعة آمل أن تقرأها بتأمل:
1: عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا، وَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى فِى الآخِرَةِ). متفق عليه.
2: و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) رواه أبوداود والترمذي بإسناد صحيح.
3: في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟
قَالَ: هَلْ تُضَارُونَ فِى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا؟
قُلْنَا: لاَ.
قَالَ: فَإِنَّكُمْ لاَ تُضَارُونَ فِى رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ، إِلاَّ كَمَا تُضَارُونَ فِى رُؤْيَتِهِمَا.
ثُمَّ قَالَ: يُنَادِى مُنَادٍ لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ؛ فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ
فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟
قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ.
فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلاَ وَلَدٌ؛ فَمَا تُرِيدُونَ؟
قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا.
فَيُقَالُ: اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى جَهَنَّمَ.
ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فَيَقُولُونَ كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ؟
فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلاَ وَلَدٌ؛ فَمَا تُرِيدُونَ؟
فَيَقُولُونَ: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا.
فَيُقَالُ: اشْرَبُوا؛ فَيَتَسَاقَطُونَ.
حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ
فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ؟
فَيَقُولُونَ: فَارَقْنَاهُمْ، وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَيْهِ الْيَوْمَ وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا.
قَالَ: فَيَأْتِيهِمُ الْجَبَّارُ؛ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ.
فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا.
فَلاَ يُكَلِّمُهُ إِلاَّ الأَنْبِيَاءُ؛
فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ؟
فَيَقُولُونَ: السَّاقُ.
¥