وإذا لم يتيسر ذلك عند اليقظة كفى استنثاره عند الوضوء فإنه حاصل به فعل المشروع والسنة أن يكرر ثلاثا وهو أبلغ ومعلوم أنه يكفي واحدة ولكن هنا أمر بالثلاث فيتأكد فعل الثلاث لأنه أبلغ في النظافة وإزالة الأذى.
والأصل في الأوامر الوجوب وذهب بعض العلماء إلى الشرعية والاستحباب والأصل في الأوامر الوجوب لا الاستحباب هذا هو الأصل حتى يجئ شيء يخص الأوامر التي ظاهرها الوجوب بأنها ليست للوجوب.
وهكذا الأصل في النواهي التحريم حتى يأتي ما يخصص ويبين أنه ليس للتحريم. وبهذا تعلم أنه يتأكد على المؤمن أن يستنثر ثلاثا إذا قام من نومه عملا بهذا الحديث الصحيح فإذا لم يتيسر ذلك فعله في الوضوء حتى يحصل هذه الفائدة العظيمة وحتى يمتثل هذا الأمر العظيم.
وهكذا الحديث الثاني ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده))
وكذلك لو يعلم أن اليد في جسمها وفي محلها ولكن هذا الشيء يتعلق بعلم الله سبحانه وتعالى وحكمته عزوجل فهو أعلم بأحوالنا وهو اللطيف بعباده وهو العالم بمصالحهم فعلينا أن نمتثل ولأن اليد- الله علم بها- في هذا النوم وإن كنت تعلم أن يدك عندك وأنها في فراشك لا تذهب بعيدا فكونه يصيبها شيء وكونها تبيت على شيء ويطرأ عليها ويمسها شيء هذا إلى الله عزوجل 0
ويمسها عوارض من المكان الذي أنت فيه لا تعلمها أنت ولا تدري أين باتت هل مسها شيء أم لا 0
حتى قال العلماء ولو كانت في جراب ولو كانت في خرقة فإن السنة الامتثال والطاعة فعليك أن تمتثل وإن كنت تعلم في ظاهر أمرك وظاهر عملك حال يدك 0
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرك بأمر لك فيه مصلحة ولك فيه خير وهو أعلم وهولا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى 0 فالذي أمر به سبحانه وتعالى فيه الخير لك وإن كنت لا تعلم شيئا يوجب ذلك لكن ربك أحكم وأعلم 0 فعليك أن تغسلها قبل أن تدخلها في الإناء0
وظاهر الأمر الوجوب أيضا فينبغي أن لا تدخلها في إناء وضوئك حتى تغسلها ثلاثا
تسمي الله وتغسلها ثلاثا قبل أن تشرع في المضمضة والاستنشاق 0
وعرفت أن الأصل في الأمر الوجوب وليس هناك صارف فينبغي لك أن تنفذ أمر الله عزوجل في هذا الأمر ولو قدر أن الإنسان أدخل يده فإن الصواب أن الماء لا يفسد، الماء طهور لا ينجسه شيء فإذا أدخل يده ولم يغسلها أساء وخالف الأمر ولكن الوضوء صحيح والماء طهور ليس به شيء0
س / هل هذا عند كل وضوء أم بعد النوم؟
ج / إذا قام من النوم وأما إذا قام من غير النوم فيستحب ويتأكد كذلك 0
س / هل هو عام في كل نوم من ليل أو نهار؟
ج/ من العلماء من خصصه بنوم الليل وألحق بعض السلف النهار بذلك لأن العلة في النوم ولكن (بات) لا تطلق إلا على نوم الليل وبعض العلماء ألحق بذلك نوم النهار لعموم العلة 0 والأولى بالمؤمن أن يفعل ذلك إذا قام من النوم في ليل أو نهار0
ونوم الليل آكد لأنه محل الحديث 0
س/ ما العلة التي تجمع بين نوم الليل والنهار؟:
ج / بجامع العلة وهو أن الإنسان في النوم يفقد شعوره بكل شيء بهذا الجامع يعم نوم الليل ونهار في المعنى 0 وغسل اليد يستحب مطلقاً عند القيام من ليل أو نهار كان يغسل يديه صلى الله عليه وسلم ثلاثاً مطلقاً عند الوضوء لكن إذا قام من النوم تأكد أكثر وإن كانت من نوم الليل تأكد أكثر وأكثر
...
الحديث الأربع والأربعون: وعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة
الحديث الخامس والأربعون: ولأبي داوود في رواية (إذا توضأت فمَضمِض)
ش / لقيط بن صبرة ...... ويقال: لقيط بن عامر ......
وقد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأل ولينتفع فسأل عن أشياء ــ رضي الله عنه وأرضاه ــ وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأشياء ومن ذلك ما جاء هنا (أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) هذا الحديث الصحيح رواه الأئمة الأربعة وغيرهم و أحمد وإسناده جيد الإسناد صحيح وهو يد على شرعية إسباغ الوضوء 0
وإسباغ الوضوء هو إمرار الماء على أعضاء وهو واجب لأنه لا يكون الوضوء وضوءاً شرعياً إلا بإسباغ الوضوء0
وإسباغ الوضوء هو إتمامه وإكماله.
¥